غزة | تحتدم معركة خلافة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، داخل حركة «فتح»، بين عضو «اللجنة المركزية» حسين الشيخ من جهة، والعضو المنافِس في اللجنة نفسها توفيق الطيراوي من جهة أخرى، فيما برزت أخيراً قضية التحقيقات في اغتيال الرئيس الراحل، ياسر عرفات، كورقة يُراد من خلالها تصفية الطيراوي سياسياً. ونشرت قناة على موقع التواصل «تلغرام» باسم «أيقونة الثورة»، قبل مدّة، جزءاً من وثائق تحقيقات اللجنة التي قادها الطيراوي في وفاة عرفات، بما يشمل محضر استجواب 200 شخصية قيادية وأمنية كانت تحيط بالراحل قبل وفاته. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر مقرّبة من الطيراوي، فإن ذلك ليس منفصلاً عن «خطّة يقودها الشيخ ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، لإنهاء الطيراوي سياسياً، حتى لا يكون منافساً محتمَلاً على رئاسة حركة فتح والسلطة الفلسطينية ومنظّمة التحرير» (باعتبار أن هذه التسريبات سيكون من شأنها ضرب مصداقيّته واللجنة التي يرأسها، وإسخاط أبو مازن عليه، كوْنها تُظهر تورّط الأخير في مخطّط اغتيال عرفات). وتشمل هذه الخطّة، وفق المعلومات، حملة إعلامية وأخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتسريبات صوتية وأخرى لوثائق، إضافة إلى التحريض على الطيراوي لدى أعضاء «اللجنة المركزية» ولدى عباس، بهدف استثارتهم ضدّ الرجل، ودفْعهم إلى طرْده من جميع المناصب التي كان يقودها في الحركة والسلطة على السواء.وعلى الرغم من أن التحقيقات التي قادها الطيراوي لم تُفضِ إلى نتيجة واضحة معلَنة، إلّا أن طلب عضو «المركزية»، خلال السنوات الماضية، استكمال التحقيقات واستجواب شخصيات جديدة، جعَله هدفاً لخصومه، الذين يرون أنه قد يستخدم هذا الملفّ لتهشيمهم وتقوية فُرصه في خلافة «أبو مازن». وبعد أسابيع من نشر الوثائق المُشار إليها أعلاه، أصدر مكتب الطيراوي بياناً يقرّ فيه بأنه تمّت قرصنة الأوراق الخاصة بعمل لجنة التحقيق (من دون أن ينفي صحّتها)، معتبراً أن «الهجمة المشبوهة التي يقف وراءها أعوان الاحتلال منذ ما يزيد على الشهرَين ليست صدفة ولا عبثاً، وإنما هي هجمة منظَّمة ومبرمجة تهدف إلى اغتيال سمعة اللواء توفيق الطيراوي السياسية ومصداقيّته، وضرْب عمل لجنة التحقيق ومنْعها من الوصول إلى الحقيقة الكاملة»، بعدما عملت «بصمت وهدوء ومثابرة لسنوات عدة للحفاظ على سرّية التحقيق بشكل حديدي».
وألقى مكتب الطيراوي باللوم على قادة الأجهزة الأمنية الذين لم يبذلوا جهدهم لمنع تسرُّب الوثائق، قائلاً: «كنت آمل من الأخوة قادة الأجهزة الأمنية إبداء اهتمامهم من واقع المسؤولية المُلقاة على عاتقهم في حماية اللجنة وأعضائها ورئيسها، وأن يتّصل بي أحد منهم للسؤال عن الموضوع». وألمحَ إلى وجود «تواطؤ» عليه، مشيراً إلى أن «الأجهزة الأمنية تملك الوسائل الكفيلة بكشف مَن يحاول قرصنة المواقع الخاصة في المؤسّسات الوطنية، علماً بأنني ومنذ بداية التسريبات اتّصلْت بأحد قادة المؤسّسة الأمنية وأرسل لي خبراء، ولكن لم يردّ لي جواباً بالخصوص حتى اللحظة»، داعياً «الأجهزة الأمنية إلى مباشرة التحقيقات في هذه القضية وكشْف مَن يقف وراءها، إذ إن كلّ العاملين والموظفين والأعضاء والوثائق تحت تصرّف أجهزة السلطة».
وبدأت «الحرب» على الطيراوي منذ ستّة أشهر، بعدما زادت انتقاداته لوزراء حكومة محمد اشتية في رام الله، إضافة إلى انتقاده طريقة إدارة عباس للوضع الفلسطيني وتحكُّم الشيخ بكثير من القرارات. وانتشر تسريب صوتي للطيراوي في آب الماضي يتحدّث فيه عن تورّط أمين سرّ «اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير»، «أبو تالا»، في «فضائح مالية وأخلاقية». وسبق ذلك بأيام نشْر تسجيل له يوجّه فيه شتائم وإهانات شخصية إلى عضو «اللجنة المركزية لحركة فتح» جبريل الرجوب، إضافة إلى اتّهامه ماجد فرج بأنه كان «عميلاً» للمخابرات البريطانية خلال فترة حُكم عرفات.