قبل عدّة ساعات من إعلان الأردن الرسمي عن «اتفاق النوايا» مع العدو الصهيوني لإعادة تأهيل البحر الميت ونهر الأردن، اللذين أرهقهما استنزاف الاحتلال، وفي مقر «حزب الشراكة والإنقاذ» في العاصمة الأردنية عمّان، أقامت القوى والأحزاب الوطنية والكتل الطلابية والنقابات المهنية والعمالية مؤتمراً صحافياً، أمس، لرفض خطوات تطبيعية أخرى تطال متنزّه شرحبيل بن حسنة، شمال الأردن.وبدعوةٍ من حركة «الأردن تقاطع»، عقد المؤتمر بحضور ممثلين عن: «حزب الوحدة الشعبية»، «حزب الشراكة والإنقاذ»، «حزب جبهة العمل الإسلامي»، «الحزب الشيوعي»، «حزب الشعب الديموقراطي الأردني»، وعن مختلف القوى الوطنية والطلابية، تحت عنوان «أعيدوا متنزّه الأردن البيئي إلى حاضنتنا الوطنية».
ومتنزّه الأردن البيئي، والذي كان يعرف باسم متنزّه الصحابي شرحبيل بن حسنة، أُنشئ في عام 1960، بالتزامن مع افتتاح سد زقلاب المائي، الذي يعدّ أول سد مائي في الأردن، ويقع في منطقة الأغوار الشمالية، على بعد 3 كيلومترات من بلدة الشيخ حسين.
وبدأ تسلل التطبيع إلى المتنزه والجهات المشغّلة بتاريخ 11/10/2010، حينما تغيّر مشغل متنزه شرحبيل بن حسنة من «المؤسسة الأردنية للتنمية المستدامة» إلى مؤسسة محلية أخرى تحت اسم «جمعية حماية الأرض والبيئة»، والتي ما كانت إلا تسميةً عربيةً لمنظمة «ecopease»، وهي منظمة تطبيعية تأسست بتاريخ 7/12/1994، بعد عقد مؤتمر تطبيعي في طابا المصرية، وضمّت صهاينة وفلسطينيين وأردنيين ومصريين، وأسست العديد من المشاريع التطبيعية في فلسطين المحتلة والأردن ومصر.
وعاد الحديث عن متنزه الأردن البيئي ومنظمة «ecopease» ليتصدّر الواجهة، خلال الأسابيع الماضية، بعدما كشفت حركة «الأردن تقاطع» عن أن المنظمة التطبيعية كانت من ضمن الجهات التي قدمت مقترحاً لاتفاق تشغيل البحر الميت ونهر الأردن التطبيعي للجهات الـ 3 المشاركة فيه: الكيان الصهيوني، الأردن، والإمارات راعية هذا الاتفاق.
وخلال المؤتمر الصحافي، الذي عقد في عمّان، تحدث ممثلو الأحزاب والقوى الوطنية الأردنية عن خطورة هذه الخطوة التطبيعية، وسبل مواجهتها. وطالب علاء حمدان من حركة «الأردن تقاطع»، الحكومة، بالمسارعة في استبدال المشغّل الحالي لمتنزه شرحبيل بن حسنة، بمشغّل وطني يتوافق مع المزاج الشعبي الأردني، الرافض للتطبيع. وأعلن حمدان رفض فكرتَي التطبيع البيئي، والغسيل الأخضر الذي يلمّع الاحتلال ويظهره كجار بيئي واعٍ، مع تناسي الحقيقة الاستعمارية للكيان الصهيوني.
أمّا محمد حمّو، عضو المكتب السياسي في «حزب الشعب الديموقراطي الأردني» (حشد)، فقد شدد على ضرورة تعريف التطبيع مع الاحتلال بوصفه خيانة، وقال حمّو: «ما يجري من اتفاقيات كلها تعمل وتصبّ لإنهاء الصراع العربي الصهيوني، بضغوط أميركية، وانسياب من بعض الأنظمة العربية». وأضاف: «المطلوب منا، أن تكون المقاطعة محوراً رئيسياً للنضال والمقاومة من شعبنا، ويجب توسيع المحاور لعزل الكيان الصهيوني، وخلق جبهة دولية شعبية لمواجهته».
وأشار علاء القضاة، ممثل «حزب الشراكة والإنقاذ»، بدوره، إلى الدور النضالي الذي قام به الشعب الأردني في مواجهة المشروع الصهيوني، جنباً إلى جنب مع الشعب الفلسطيني، فكانت غارات العشائر الأردنية على المستوطنات الصهيونية في شمال الأردن، بين عامَي 1920 و1921، والتي تمخضت عن ارتقاء أول شهيد أردني خلال الصراع العربي – الصهيوني، كايد مفلح عبيدات. وقال القضاة: «حزب الشراكة والإنقاذ يرى أن تحرير كل فلسطين أولوية لا مهادنة ولا تنازل فيها، وكل فعل في مقاومة الاحتلال خطوة نحو التحرير، ودعم المقاومة مبدأ أصيل لحزب الشراكة والشعب الأردني».
وتناول مسؤول ملف التطبيع في «حزب جبهة العمل الإسلامي»، سلمان المساعيد، من جهته، الحديث عن رفض معظم فئات الشعب الأردني للتطبيع مع الاحتلال، وقال: «خلال زياراتٍ قمنا بها أخيراً مع عدد من القوى الوطنية للسوق المركزي للخضر، ودعوتنا التجار إلى عدم شراء المنتجات الزراعية من الجهات المرتبطة مع الاحتلال، لمسنا تجاوب أكثر من 99% منهم، فقضية مقاومة التطبيع قضية جذرية فطرية لدى الشعب الأردني». وأضاف المساعيد: «لم ينجح الاحتلال في الاختراق التطبيعي في الأردن، إلّا عن طريق التلاعب والتزوير، والتطبيع مع المستوى الرسمي الأردني». وأكد أن مقاومة التطبيع واجب وطني وديني وقومي، و«هو الخطوة الأولى لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى».
ودعا عماد المالحي، عضو المكتب السياسي في «حزب الوحدة الشعبية الأردني»، من جانبه، إلى تشكيل جبهة وطنية موحدة لمقاومة التطبيع، واستثمار كل الجغرافيا العربية لذلك، وقال: «الفعل يجب أن يكون عامّاً، وعلى مساحة الجغرافيا العربية لخلق حالة تنسيقية بين الجبهات والهيئات كافةً، وتبديد الجهد ليس مفيداً، فالمطلوب التشبيك وخلق جبهة عربية مقاومة للتطبيع، بالتعاون مع أميركا اللاتينية، وأقترح تضمين ذلك في البيان، وأن يتم العمل عليه خلال الفترة القادمة». وأضاف: «مطلوب من الشباب اليوم خلق إعلام بديل لإعلام السلطة لفضح التطبيع، ويجب خلق حالة تراكمية لمقاومة هذا التطبيع، والتفكير بطرق جديدة للتعامل مع هذه الخطوات التطبيعية الخطيرة التي تتزامن مع جرائم الاحتلال للبيئة».
والجدير بالذكر أنّ أكثر من 49 حزباً وجهة وطنية أردنية وقّعت على البيان الذي صدر عن المؤتمر الصحافي الخميس، فيما تمّ الاتفاق على البدء بحراك شعبي موسّع لمقاومة الخطوات التطبيعية الجديدة.
وتعقيباً على ذلك، قال حمزة خضر، أحد أعضاء حركة «الأردن تقاطع»، إن الحراك الشعبي الرافض للتطبيع البيئي في الأردن، ينطلق من أرضية صلبة، ورصيد شعبي راكمه العديد من الانتصارات في هذا السياق، بعد نجاح حملة «أراضينا» الشعبية في الضغط على الدولة الأردنية لاستعادة أراضي منطقتَي الباقورة والغمر الأردنيتين المؤجّرتين للاحتلال الصهيوني، ووصول حملة «نزل القاطع» الداعية إلى إنهاء اتفاقية استيراد الغاز الطبيعي من الكيان الصهيوني إلى 140000 بيت أردني. وبحسب خضر، إن «الحالة الوطنية بحاجة إلى الوصول للناس والوصول إلى القواعد الشعبية. وما يجري اليوم بداية لحراك مستمر وسلسلة من الأنشطة على الأرض، والحالة الوطنية تتكون من مجموعات. والأساس هو الانطلاق من رفض سياسات التطبيع، ومن ثم الاستعداد لدفع الأثمان».