غزة | تُواصل سلطات الاحتلال، منذ سنوات، منْع إدخال أجهزة تشخيصية وطبّية إلى قطاع غزة، ما يتسبّب بتكدّس المرضى انتظاراً لإجراء الفحوصات والعمليات الجراحية، والتي وصل فيها الدَّور إلى عامَين مقبلَين، وسط مناشدات من وزارة الصحّة لإنهاء الأزمة. وكنموذج من تلك المعاناة، يَحضر الحاج محمد يوسف (65 عاماً) الذي وصل إلى «مستشفى الشفاء» قبل عدّة أيام وهو يعاني من آلام شديدة في خاصرته، ليتبيّن بعد التشخيص أنه يعاني وجود حصوات في كِليته، إلّا أنه لدى تحويله إلى قسم المسالك البولية، كانت صدمته بأن أقرب موعد لإجراء العملية هو شهر تموز من العام المقبل. وعلى المنوال نفسه، يشتكي الشاب خالد العرقان (22 عاماً) من أن موعد إجراء عملية جراحية له، لتعديل تشوّه خَلقي في الأنف، تمّ تحديده في نهاية آب 2023، ما يعني أنه سيستمرّ في المعاناة التي تُسبّب له صداعاً في الرأس وعجزاً عن ممارسة حياته بشكل طبيعي لعام آخر، في وقت لا يستطيع فيه اللجوء إلى المستشفيات الخاصة نظراً إلى كلفتها العالية.وبحسب وزارة الصحة في غزة، فإن تعمُّد الاحتلال حظْر إدخال المعدّات التشخيصية والعلاجية التي تُسرّع من إجراء العمليات الجراحية وتُقلّص من أعداد أصحابها، يؤدّي إلى تَشكُّل طوابير من المرضى، خصوصاً في مجالات جراحة العظام والأنف والأذن والحنجرة، وبعض جراحات المناظير، والجراحة العامّة، وجراحة المسالك. وأفاد الوكيل المساعد للوزارة، بسام الحمادين في تصريحات صحافية قبل أيام، بأن السلطات الإسرائيلية تعرقل إدخال أجهزة الأشعّة المختلفة، إضافة إلى الأجهزة المخبرية ومناظير الجراحة، و«ميكروسكوب» جراحة العيون، وأجهزة القسطرة القلبية، موضحاً أن هذه الأجهزة تُستخدم في التشخيص الدقيق لحالات المرضى قبل تحديد نوع التدخّل الطبّي المطلوب، سواء أكان جراحياً أم علاجياً.
وأشار الحمادين إلى أن بعض المعدّات المحظورة تُستعمَل في العمليات الجراحية الدقيقة، مِن مِثل جراحة المخّ والأعصاب، وتثبيت كسور العظام والعمود الفقري، وكذلك تثبيت الدعامات لدى مرضى القلب والأوعية الدموية، مضيفاً أنه تمّ قَبل عام ونصف عام شراء تلك المعدّات، ومنذ ذلك الحين تُحاول الوزارة إدخالها إلى القطاع، لكن من دون نتيجة.
أدّت سياسة الاحتلال في منْع إدخال الأجهزة الطبّية، إلى تدهوُر الوضع الصحّي في قطاع غزة


ولا تقف العقوبات التي يفرضها الاحتلال على القطاع الصحّي في غزة، عند هذا الحدّ، بل تصل إلى منْع إدخال بعض قطع الغيار اللازمة لصيانة الأجهزة الطبّية، في وقت تؤكد فيه وزارة الصحّة أن نقص المعدّات وتَعطّلها يؤدّيان إلى وفاة بعض المرضى. وقبل أيام، أبلغت السلطات الإسرائيلية، السلطات المعنيّة في القطاع، رفضها إدخال جهاز الأشعة التداخلية الذي تفتقر إليه الأخيرة، ويُستخدم في تقديم خدمة إنقاذ مرضى الجلطات والشرايين المغلَقة عبر تركيب الدعامات لهم. وبحسب الحمادين، فإن البحث عن مموّل لهذا الجهاز استغرق وقتاً طويلاً، وعندما تمّ شراؤه «تفاجأنا بأن الاحتلال يمنع إدخاله، إضافة إلى العشرات من أجهزة الأشعة التي تُستخدم في العناية المركزة». وبيّن وكيل «الصحة» أن «جهاز الأشعة التداخلية مهمّ للحدّ من معاناة مرضى انسداد الشرايين، كما أنه يساهم في إنقاذ حياة كثيرين خاصة مرضى القلب، ويخفّف من معاناتهم وألمهم»، مضيفاً أن «الجهاز البديل لا يعمل بالكفاءة نفسها ولا يقدّم خدمات أخرى متوفّرة في الجهاز الجديد».
وعلى مدار سنوات، أدّت سياسة الاحتلال في منْع إدخال الأجهزة الطبّية، إلى تدهوُر الوضع الصحّي في قطاع غزة، ومعه قدرة الوزارة على مواكبة احتياجات أبنائه؛ إذ إن الأجهزة المتوفّرة لديها متهالكة ومن المفترض أن تَخرج من الخدمة.
وتخالف سلطات العدو بذلك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني و«اتفاقية جنيف الرابعة» في مادّتَيها الـ55 والـ56، اللتَين تفرضان على أيّ احتلال توفير الإمدادات والأجهزة الطبّية للسكّان الذين يقعون تحت مسؤوليته.