مضى نحو أربعين يوماً على خروج والد الشهيدَين رعد وعبد الرحمن خازم من مخيم جنين، إلى رام الله لتلقّي العلاج، بعد وعكة صحّية مفاجئة، كان قد أصيب بها في نهاية تشرين الثاني الماضي. اختُلقت قصص وروايات كثيرة عن صفقة عَقدها «والد المقاومين الروحي» كما يصفه الأهالي، مع الاحتلال، عبر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة. وزعمت تلك الروايات أن ابن الـ 58 عاماً سئم حياة المطاردة، وقرّر أن يَترك دوره المحوري المؤثّر في الشارع، وأن يستقرّ في رام الله، متذرّعاً بمرضه المفاجئ. وفي مطلع الأسبوع الجاري، رجّح شقيقه أمين، في ظلّ الاضطراب والأعراض الصحّية الغريبة التي يعانيها، أن يكون أبو رعد قد يكون تعرّض لعملية اغتيال إسرائيلية بالسمّ.

ومنذ ذلك الحين، أضحى الرجل مقصداً لكل الشخصيات الرسمية في السلطة الفلسطينية، والتي زارتْه تباعاً، وأصدرت فيضاً من التصريحات الإعلامية التي تُطمْئن الناس إلى صحّته. وفي هذا الإطار، قالت وزيرة الصحّة التابعة للسلطة، مي الكيلة، إن «الوضع الصحّي للمناضل فتحي خازم، الذي نقل إلى المستشفى الاستشاري في رام الله، جيّد (...) وهو في حالة تعافٍ مستمرّة، وتمّ الاطمئنان إلى شرايين القلب من خلال إجراء قسطرة قلبية له». لكن مصادر عائلية تؤكّد، لـ«الأخبار»، أن «عدداً كبيراً من شخصيات السلطة التي تزور أبو الرعد، تُصدر تصريحات لا تعكس حقيقة وضعه الصحّي، فضلاً عن أنها قدّمت وعوداً بنقله للعلاج إلى الأردن، ولم تترجمها إلى اليوم»، مضيفةً: «يدرك قادة السلطة ومسؤولوها حجم محبّة الناس لفتحي، ويحاولون استغلال مكانته الشعبية في تنظيف أنفسهم (...) جبريل الرجوب وعده بأن ينقله بطائرة هليكوبتر للعلاج في الأردن (...) هناك اهتمام حقيقي من أفضل أطبّاء البلاد، لكن بلا نتيجة».
وفي الاتجاه نفسه، يفيد صهر فتحي، محمود السعدي، في حديثه إلى «الأخبار»، بأن «أبو رعد يعيش في ظروف صحّية متقلّبة، إذ تتحسّن صحّته في بعض الأيام، ثمّ تُعاود الانتكاس مجدّداً، فيما لم يستطع الأطبّاء أن يقدّموا توصيفاً دقيقاً لِما يعانيه». ويبيّن السعدي أن «ثمّة تورّماً كبيراً في جسد فتحي، وهو يعاني من تسمّم في الدم، وتقلّبات غير طبيعية، وكذلك من حالة اختناق مفاجئ»، لافتاً إلى «احتمال أن يكون مصاباً بتسمّم بالدم، وليس من المستبعد أن الاحتلال هو مَن قام بذلك (...)». ويختم بأنه «في ظلّ غياب التشخيص الطبّي، فإن هذه الحالة قد تستمرّ شهراً أو سنة أو أكثر، وإذا ما توفّاه الله بهذا الداء الغريب، فسيَسهل القول إنه مات ميتة طبيعية». وكانت زوجة فتحي قد أوضحت أن زوجها يمتلك سجلّاً طبّياً نظيفاً، مبيّنةً أنه يعاني من مرض السكري فقط، وأنه يداوم منذ سنوات على نمط غذائي صحّي وحِمية دقيقة، قائلةً إنه «لا يأكل الخبز العادي، يخبز لنفسه خبز الشعير الصحّي، لم يعان في يومٍ ما من أيّ عارض صحّي».
يدرك قادة السلطة حجم محبّة الناس لفتحي، ويحاولون استغلال مكانته في تنظيف أنفسهم


من جهته، يشير الزميل الصحافي، أحمد الخطيب، الذي تمكّن أوّل من أمس من زيارة خازم، إلى أن «أبو رعد يعاني تقلّبات صحّية غريبة، إذ ترتفع درجة حرارته على نحو مخيف»، ناقلاً عن زوجته قولها «(إننا) نضع كمّيات من الثلج على جسده فتذوب في غضون دقائق». ويضيف الخطيب، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «هناك بثوراً وأوراماً وبقعاً مخيفة تنتشر في كل أنحاء جسمه، تصيبه بالإعياء والحكّة الشديدة، إلى جانب ضيق الصدر والاختناق المفاجئ». ويذكّر الصحافي بأن «الأعراض الصحّية المفاجئة ظهرت على فتحي في نهاية تشرين الأوّل الماضي، حيث دخل المستشفى الحكومي في جنين عدّة مرّات، ولم يتمكّن الأطباء من تقديم تشخيص لحالته، ثمّ تدهوَر وضعه الصحّي إلى الحدّ الذي كان يسقط معه أثناء مشيه في الشارع، وهو ما تطلّب نقله إلى رام الله، وقد انتقل فعلاً إلى مستشفى إتش كلينك، ولم يتحدّث مع أيّ أحد عن صفقة أو ما شابه». ويتابع الخطيب أن «أبو الرعد» أكد له «(أنّني) لم أسلك هذا الطريق لتحصيل رتبة أو منصب، ولا أهتمّ لمديح مَن يَمدح أو ذمّ مَن يذمّ، سلكتُ هذا الطريق من دون أيّ طموح في هذه الدنيا».