على مدار 8 سنوات، اتّبعت دولة الاحتلال أسلوب المراوغة، تهرُّباً من إبرام صفقة تبادُل مع حركة «حماس» حول جنودها الـ4 الذين تأْسرهم الحركة في قطاع غزة، لاجئةً تارةً إلى نفْي وجودهم، وأخرى إلى الاعتراف المجتزأ بهم، وثالثة إلى الادّعاء أنهم موتى، ورابعة إلى وصْف بعضهم بأنهم «مرضى نفسيون»، كلّ ذلك في سبيل خفْض سقف المطالب «الحمساوية». وبعد أيام من النفي القاطع لأسْر الجندي شاؤول أورون، اعترفت وزارة الأمن الإسرائيلية، بشكل رسمي، في 22/7/2014، بفقدانها رفات أحد الجنود خلال عمليّتها العسكرية شرق غزة. وبعدها بأسبوع، أقرّت بتعرُّضها لضربة أخرى، بإعلانها فقدانها الاتّصال بالضابط هدار غولدن صبيحة 1/8/2014، شرق مدينة رفح. وفي اليوم التالي، أعلن رئيس الحاخامية العسكرية، العميد الحاخام إيلي كريم، أن غولدن قد قُتل، من دون تقديم أيّ معلومات حول كيفية تحديد مصيره.ومع مرور عامَين على عمليتَي الأسر اللتين شهدتْهما حرب عام 2014، وفي ظلّ تحرُّك عائلات الجنود الأسرى ضدّ حكومة الاحتلال، اضطرّت الأخيرة لتغيير توصيفها لأورون وغولدن، من «قتلى مجهولي مكان الدفن» إلى «قتلى - أسرى حرب مفقودين»، مُبرَّرة ذلك بأنه تمّ بناءً على طلب ذويهما، وهو ما عنى اعترافاً ضمنياً من الجيش بعدم يقينه بأن الجنديَين مجرّد جثّتان لدى «حماس». وفي خلال السنوات اللاحقة، تصاعَد الضغط من قِبَل عائلات الجنود، خصوصاً مع إرسال الحركة عدداً من الإشارات غير المباشرة حول مصيرهم، سواءً عبر وسائل الإعلام أو عبر أفلام وثائقية تمّ بثّها على عدد من القنوات الفضائية، الأمر الذي اضطرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بداية عام 2016، إلى الطلب من ألمانيا المساعدة في الإفراج عن الأسرى، وإعلانه مِن بَعدها وجود اتّصالات وتطوّرات هامّة حول هذه القضية. إلّا أن الناطق باسم الجناح العسكري للحركة، أبو عبيدة، كذّب نتنياهو، وأكد أنه لا توجد حالياً اتّصالات بخصوص التبادل، عارضاً خلْفه صوراً للأسرى الأربعة لدى «حماس».
اتّبعت دولة الاحتلال أسلوب المراوغة، تهرُّباً من إبرام صفقة تبادُل مع حركة «حماس»


وفي أعقاب أسْر «حماس» للجنديَين هشام السيد وآبراهام منغستو لدى دخولهما قطاع غزة، وإعلانها أنهما يخدمان في ما يسمّى «حرس الحدود» في جيش الاحتلال، تضارَب الخطاب الإعلامي حولهما مرتكزاً خصوصاً على كوْنهما مدنيَين مريضَين نفسياً، فيما عمدت عائلاتهما إلى تنفيذ جولات في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للمطالبة بالضغط على الحركة من أجل الإفراج عن نجلَيهما. وصاحبت ذلك تدخّلاتٌ عدّة من قِبَل الرقابة العسكرية التي سعت إلى منْع تداوُل العديد من الرسائل الإعلامية التي بثّها الجناح العسكري لحركة «حماس» مرات عدّة، وفي حال عدم قدرتها على ذلك المنع، كانت تُصدر تنويهاً مفاده بأن «حماس تمارس حرباً نفسية ودعائية في ملفّ الجنود». كذلك، اعتمدت حكومة الاحتلال على إطلاق تسريبات عبر وسائل الإعلام التابعة لها، مُوجَّهة في أغلبها إلى الجبهة الداخلية وعائلات الجنود، من أجل تخفيف الضغط واغتنام مزيد من الوقت، وفي الوقت نفسه التلاعب بمشاعر الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم، بما قد ينقلب ضغطاً على «حماس» لتخفيض سقف مطالبها، في الوقت نفسه الذي لم تتوقّف فيه الجهود الأمنية للبحث عن أيّ معلومة أو طريقة للتهرّب من الثمن الذي تطلبه الحركة. أيضاً، واصلت سلطات العدو التقليل من أهمّية الرسائل الإعلامية التي تبثّها «حماس»، في محاولة لتجاوُز تأثيراتها النفسية. وفي هذا الإطار، دائماً ما حذّر الناطق باسم الحكومة والناطق باسم الجيش من حرب نفسية تشنّها الحركة، فيما دأبت وزارة الخارجية على الترويج أمام المجتمع الدولي أن «حماس تحتجز مدنيين على نحو يتنافى مع المواثيق الدولية».