غزة | منذ عقود، ومع تصاعُد عمليات المقاومة الفلسطينية، برزت فكرة إعدام الأسرى، كأحد الخيارات الإسرائيلية للجم الفلسطينيين عن تنفيذ هجمات فدائية. إلّا أن هذا الخيار لاقى معارضة كبيرة لدى مستويات متعدّدة داخل الكيان، نظراً إلى خطورته وتبعاته، وهو ما حال دون اللجوء إلى تفعيله. لكن مع صعود حكومة اليمين المتطرّف برئاسة بنيامين نتنياهو، عاد احتمال إقرار القانون إلى الواجهة، خصوصاً أن الاتفاق الائتلافي المُوقَّع بين نتنياهو وزعيم حزب «القوة اليهودية»، إيتمار بن غفير، نصّ على إمضاء مشروع جديد لإعدام الأسرى الفلسطينيين الذين يدانون بقتل إسرائيليين، بخلاف القانون المُقرّ عام 1953، والمجمَّد منذ عقود. وخلال الأيام الأولى من الشهر الحالي، صادق «الكنيست» على المشروع بالقراءة التمهيدية، بموافقة 55 عضواً من أصل 120 وذلك بعد أيام من مصادقة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع عليه، ليدخل بهذا مرحلة العمل على تجهيز بنوده قبل تقديمه إلى «الهيئة العامّة» في «الكنيست» من أجل التصويت عليه بالقراءتَين الثانية والثالثة.وينصّ القانون على «إيقاع عقوبة الموت بحق كلّ شخص يتسبّب عن قصد أو لا مبالاة بوفاة مواطن إسرائيلي بدافع عنصرية أو كراهية أو لإلحاق الضرر بإسرائيل». وجاء فيه أن «السنوات الأخيرة شهدت تزايُد الأعمال الإرهابية لقتل اليهود لكونهم يهوداً، وفي حال اعتُقل الإرهابيون يحصلون على ظروف جيّدة في السجون ورواتب من السلطة الفلسطينية، وقد يطلَق سراح معظمهم في صفقة أو أخرى، وهذا القانون غرضه القضاء على الإرهاب وخلْق قوّة ردع». ويُعدّ هذا التشريع امتداداً لمحاولات سابقة في الاتّجاه نفسه، بدأها في حزيران 2015، زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، قبل أن تُسقط «الهيئة العامّة للكنيست» مشروعه منتصف تموز من العام نفسه. وفي تشرين الأوّل 2015 أيضاً، أعيد طرح القانون من قِبَل النائب شارون غال، إلّا أن الأخير قدّم استقالته لاحقاً.
التعديلات التي أُدخلت على القانون الجديد تزيل القيود السابقة التي كانت تشترط إجماع ثلاثة قضاة من أجل صدور حُكم الإعدام


مع ذلك، لم يتوقّف ليبرمان عن المطالبة بإقرار القانون، واضعاً إيّاه في حزيران 2016 كشرط للانضمام إلى حكومة نتنياهو. وعلى رغم أن التشريع تجاوز القراءة التمهيدية في «الكنيست» عام 2017، إلّا أنه تمّ وقْفه بسبب معارضة المستشار القضائي للحكومة والمستشار القضائي لـ«الكنيست» له. وفي تشرين الثاني من العام نفسه، أعيدَ طرحه من دون أن ينجح تمريره للأسباب نفسها. في كانون الثاني 2018، أعادت «الهيئة العامة» إقراره بالقراءة التمهيدية، غير أنه قوبل باعتراض واسع من وزارة العدل الإسرائيلية وجهات حقوقية محلّية وعالمية. وفي نيسان 2020، تَقدّم عضو «الكنيست»، ميكي زوهر، عن حزب «الليكود» بالقانون نفسه، ليَجري إقراره بالقراءة التمهيدية ويتوقّف عندها أيضاً، بسبب رفضه محلّياً وعالمياً.
في عام 2021، طُرح المشروع للنقاش من قِبل أعضاء حزب «الليكود» وعضو «الكنيست» حينها، إيتمار بن غفير، لكنه أُسقط أيضاً في القراءة التمهيدية. ومع إعادة طرْحه من قِبَل حكومة نتنياهو خلال الشهر الحالي، بدأ فصل جديد وأكثر خطورة من فصول المعركة المتّصلة به، على اعتبار أن ثمّة محاولات شرسة حالياً لإيصاله إلى المرحلتَين الثانية والثالثة، حيث في حال حصل على موافقة أكثر من 50% من أعضاء «الكنيست» يصبح نافذاً، ويُنشر في «السجلّات» بعد صياغته بشكل رسمي. والجدير ذكره، هنا، أن التعديلات التي أُدخلت على القانون الجديد تزيل القيود السابقة التي كانت تشترط إجماع ثلاثة قضاة من أجل صدور حُكم الإعدام، فيما النسخة الأخيرة تُجيز إصداره وفق نظام الأغلبية.