اندلعت شجارات عنيفة بين المتظاهرين في احتجاجات «يوم تصعيد المقاومة» ضدّ «الانقلاب القضائي» الذي تَدفع إليه حكومة بنيامين نتنياهو منذ تنصيبها قبل شهرَين، وبين أنصار هذا الأخير. وفيما عملت الشرطة الإسرائيلية على قمْع المتظاهرين، مستخدمةً لهذه الغاية قنابل الصوت والغاز، وفِرق الخيّالة، ما أسفر عن إصابة العشرات، وَثّق مقطع مصوّر عند مفترق «بيت يهوشوع» بالقرب من مستعمرة «نتانيا»، محاولة أحد مناصري الحكومة دهْس مجموعة متظاهرين بسيّارته، قبل أن يفرّ هارباً، فيما صُوّر آخر وهو يرشّ غاز الفلفل على المحتجّين. وطبقاً لموقع «واينت»، فإن أكثر من شجار نشب في مناطق متفرّقة من تل أبيب التي شهدت أعنف التظاهرات، حيث نُظِّمت احتجاجات ضدّ الحكومة، وأخرى أمام سفارات ألمانيا والولايات المتحدة (في القدس) وبريطانيا وفرنسا، احتجاجاً على استقبال هذه الدول نتنياهو، ووزير ماليته، بتسلئيل سموترتش.وكما في كلّ مرّة، نجح المتظاهرون، أمس، في إغلاق تقاطع «يغئال ألون» الرئيس في تل أبيب لمدّة ساعة كاملة، ما تسبّب بأزمة مرور خانقة، قبل أن تُعاود قوات الشرطة فتْح الطريق. وفي مدينة حيفا، أَغلق المتظاهرون من قدامى المحاربين في سلاح البحرية، بالمراكب الصغيرة، مرفأ المدينة، ما أدّى إلى التشويش على حركة السفن العملاقة والملاحة البحرية، فيما تظاهَر طلّاب وذووهم في مستعمرة «رعنانا»، وشهدت جامعتا تل أبيب، وبار إيلان، تظاهرتَين شبيهتَين، نُظّمتا بالتزامن مع ثالثة في مدينة حيفا، ومثلها في الجامعة العبرية في مدينة القدس، وكذلك في جامعة «بن غوريون» في بئر السبع. ولبست مجموعة من النساء شاركْن في تظاهرة نُظّمت عند مفترق «نهلال - العفولة»، أزياء مستوحاة من سلسلة «The handmaid’s tale» التلفزيونية الشهيرة، والتي تتحدّث عن كارثة بيئية تجتاح العالم، وتصاب النساء على إثرها بالعقم، فيُصار إلى تنصيب أنظمة دكتاتورية جديدة في كلّ دول العالم، ومن ضمنها أميركا، حيث نجت مجموعة نساء من العُقم، ليتحوّلن إلى مستعبَدات يُغتصَبن بهدف الإنجاب والحفاظ على السلالات الحاكمة. واختارت الإسرائيليات ارتداء الزيّ المستوحى من السلسلة، على اعتبار أن حكومة نتنياهو «تغتصب حقوق المعارضين»، بتحويلها إسرائيل إلى «نظام دكتاتوري» يقوم على «إكراه ديني» و«قضاء عاقر»، وفاقد للتأثير.
نُظّمت التظاهرات، أمس، غداة إعلان الحكومة رفْضها مقترح التسوية («خطة الشعب») الجديد


ونُظّمت التظاهرات، أمس، غداة إعلان الحكومة رفْضها مقترح التسوية («خطّة الشعب») الجديد الذي قدّمه الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، وإعلانها مواصلتها الدفع ببنود خطّة «إصلاح القضاء» لإضعاف المنظومة القضائية وجعْلها في مكانة أدنى من مكانة السلطة التشريعية، بحيث تكون الكلمة العليا للأخيرة، فيما أعلنت المعارضة، من جهتها، أن التظاهرة التي ستُنظّم في نهاية الأسبوع الجاري ستكون حاسمة لجهة «حماية الديموقراطية». وعلى رغم أن مقترح هرتسوغ لإنهاء الأزمة تضمّن إلغاء ذريعة «عدم المعقولية»، في ما يتعلّق بالقرارات الحكومية، والتعيينات الوزارية، وإقرار القوانين الأساسية بغالبية أعضاء «الكنيست»، على ألّا تُفرَض رقابة قضائيّة عليها بعد إقرارها، رفضت الحكومة المقترَح، بادّعاء أنه «يفرّغ خطّة الإصلاح القضائي من مضمونها».
وقُبيل مغادرته إلى ألمانيا، وعلى وقْع العاصفة التي هبّت مع رفْع الرقابة العسكرية الحظر عن «حدث الشمال»، وكشْفها تفاصيل «تسلُّل مقاوم من لبنان زرَع عبوة ناسفة في مجدو»، أعلن نتنياهو رفْض مبادرة هرتسوغ، معتبراً أن «ما قدّمه الرئيس، لم يُتّفق عليه من قِبَل ممثّلي الائتلاف»، لافتاً إلى أن «البنود الرئيسة تكفل استدامة الوضع القائم (ما قبل إقرار الخطّة) فقط، ولا تحقّق التوازن المطلوب بين السلطات في إسرائيل». في المقابل، علّق زعيم معسكر المعارضة، رئيس حزب «هناك مستقبل»، يائير لابيد، على موقف الائتلاف هذا، بالقول: «تلقّينا، الليلة، دليلاً قاطعاً على أن بيبي (نتنياهو) خاضع لـ(أطراف) الحكومة»، معتبراً أن الحاكم الفعلي لإسرائيل هو «وزير القضاء الإسرائيلي، ياريف ليفين، لأنه رئيس الحكومة الحقيقي لدولة إسرائيل». ورأى أيضاً أن «دولة إسرائيل ممزَّقة، ويجب أن نبذل قصارى جهدنا لمنْع تفكُّك اقتصادي وأمني واجتماعي، يضرّ بشّدة بالمناعة القوميّة»، وأنه «يتوجّب علينا أن نتعامل مع مقترح الرئيس، انطلاقاً من احترام الوضع، والجديّة التي كُتب بها (المخطّط)، والقيم التي تكمن وراءه»، مضيفاً أن رفْض الحكومة للمقترح يشكّل «ازدراءً لمؤسّسة الرئاسة ويمحو فكرة أنّنا شعب واحد». وأكد أن المعارضين «سيواصلون الكفاح من أجل إسرائيل يهودية وديموقراطية». وفي وقت لاحق، قال لابيد، في بيان مشترك صادر عن زعماء أحزاب المعارضة: «استغرقت الحكومة 17 دقيقة لرفض المقترح، ما يعني أنهم قالوا للرئيس فلْتذهب إلى الجحيم»، مضيفاً أن «المقترح ليس مثالياً، ولكن المعارضة تَقبله لأن الحرب الأهلية هي خسارة وهزيمة. في الليكود أشخاص لن يسمحوا بذلك، وهم يعرفون أن القادة (الحقيقيين) لا يصمتون في اللحظات الصعبة».
ورافقت الأزمة التي تعصف بإسرائيل نتنياهو إلى برلين؛ إذ عبّر المستشار الألماني، أولاف شولتز، عن «قلقه» حيال «الإصلاحات القضائية»، مشدّداً على «أهمّية بقاء إسرائيل ديموقراطية ليبرالية». ولكن نتنياهو أكد، من جهته، مُضيّ ائتلافه قُدُماً في تطبيق بنود الخطّة «حتى في ظلّ عدم وجود اتّفاق مع المعارضة»، فيما تظاهر المئات من «اليهود ضدّ الفاشية» بالقرب من بوابة برندنبرغ في برلين تعبيراً عن معارضتهم لزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية.