يواصل الشيخ خضر عدنان، القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» في الضفة الغربية المحتلّة، إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الـ68 على التوالي. الرجل الذي بدأ تلك السُنّة على الصعيد الفلسطيني حينما اعتُقل إدارياً للمرّة الأولى عام 2011، واستطاع انتزاع حريته خمس مرّات آخرها في عام 2021، يدرك أن هذه المرّة مغايرة لسابقاتها. «هو لا يحتجّ على نوعية الاعتقال، إدارياً كان أم أمنياً أو غيره، إنما على فكرة الاعتقال التعسّفي بذاتها»، تقول زوجته رندة موسى. وتضيف في حديثها إلى «الأخبار»: «على رغم كلّ الظروف المحيطة، من وجود حكومة يمينية تضرب بعرض الحائط سمعة الكيان على الصعيد الدولي، وتكافح لتنغيص حياة الأسرى في أبسط حقوقهم الإنسانية، بل وتحاول إقرار قانون يشرّع إعدامهم، إلّا أن الشيخ خضر لا ينطلق في حساباته من معادلات الربح والخسارة، الحكاية عنده ليست 1+1 يساوي 2».تُواصل زوجة الشيخ، التي كان قد وصفها في حديث سابق له، بأنها «جيشه الأول ودرعه المنيع»: «إذا كانت الأمور تُحسب بالنتائج الآنية والسريعة، فإن فكرة مقاومتنا للاحتلال كلّها مغلوطة. الشيخ يُسمع بإضرابه عن الطعام صوت الأسرى، ويحمل بجوعه قضية فلسطين إلى مساحات وفضاءات جديدة». على أن المعنويات المرتفعة التي أبدتها والدة الأبناء التسعة، لم تمنعها من التحذير من حساسية وضع زوجها الصحي، إذ اعتُقل عدنان وهو يعاني من نزيف في المعدة وارتفاع في ضغط الدم وتضخّم في الغدة الدرقية، واليوم، بعد شهرين وثمانية أيام من الإضراب، تنقل زوجته ما قاله لها محاميها بالنص: «الشيخ خضر يحتضر، وضعه الصحّي سيّئ جدّاً، حاولوا اعملوا اشي». يُذكر أن قوات الاحتلال اعتقلت عدنان في مركز توقيف الجلمة لـ38 يوماً، ثمّ نقلته إلى مستشفى سجن الرملة. وفيما تزداد المطالب والضغوط لنقله إلى سجن مدني، تربط سلطات العدو تلك الخطوة بموافقته على إجراء الفحوصات الطبية، وهو ما يرفضه الأخير إلّا بشروط عدّة وضعها سلفاً، أهمّها أن تتمّ الفحوص بوجود طرف ثالث أو جهة دولية مثلاً.
سلطات الاحتلال التي واجهت عدنان بـ25 اعترافاً من اعترافات الغير عليه، تهدف، وفق ما أكده محامي الشيخ، إلى تثبيت تهمتَي قيادة حركة «الجهاد الإسلامي»، والتحريض على مقاومة الاحتلال عبر المشاركة في جنازات الشهداء والفعاليات الوطنية، وهما ما ستقودان إلى محاكمته وسجنه بشكل نظامي. وأمام ذلك، تؤكد زوجته أن «فلسفة الشيخ في خوض المعركة، لم تنطلق أساساً من قياس حجم الربح والخسارة، فهو يدرك أنه لن يُعتقل هذه المرّة بشكل إداري، وهو يدرك أيضاً أن الاحتلال أوهن وأضعف من أن نحسب له كثيراً من الحسابات قبل أن نفكّر في ممارسة السلوك الفطري تجاهه المتمثّل في مقاومته».
وكان نشطاء ومتضامنون فلسطينيون في البرازيل، نظّموا مطلع نيسان الجاري مسيرات واحتجاجات نجحوا من خلالها في إلغاء «مهرجان الجامعات الإسرائيلية» المزمع عقده في جامعة «يوني كامب». وفي خلال تلك الفعاليات، رفع المشاركون صوراً للشيخ خضر، وهو ما يعلّق عليه المحلّل السياسي، محمد فارس جردات، بقوله: «قد تختلف مع عدنان في نجاعة إضرابه من الناحية الحسابية أو التأثير الميداني في ظلّ كلفته العالية مقابل ناتجه في حال نجاحه، لكن عندما تشاهد رمزيته الكفاحية في العالم، وهنا نتحدث عن أميركا اللاتينية، في مواجهة اللوبي الصهيوني، فإن خضر في عناده المستحيل وزنزانته الصدئة المعزولة، يصنع أثراً في آخر المعمورة، بما يوجب على الجميع تجاوز الاختلاف معه». ويعتقد جردات أن على «السفارات الفلسطينية تجاوز عملية التحريض الداخلي المغرض ضد خضر، لتنظيم وقفات تضامنية معه قبالة كلّ سفارات الكيان العبري في العالم (...) أعرف أن طلبي معجز في ظلّ ما ران على هذه السفارات من الفساد والارتهان لأجندات شخصية وحزبية، لكن واجبنا أن نقرع الجرس في عتمة الليل البهيم». جدير بالذكر أنه تربط عدنان بالسلطة الفلسطينية علاقة شائكة، بسبب مواقفه المتقدمة على الصعيد الداخلي، لا سيما في قضايا الاعتقال السياسي، واغتيال الناشط نزار بنات.