غزة | في اليوم الثالث، واصلت المقاومة الفلسطينية ردّها على الاحتلال ضمن معركة «ثأر الأحرار»، وسط ضغوط تمارَس عليها لدفعها إلى القبول بالتهدئة، وهو ما ردّت عليه بتوسيع بقعة الاستهداف، موجهةً ضرباتها للمرة الأولى نحو أهداف داخل مدينة القدس المحتلّة، فيما ضربت إحدى طائراتها المسيّرة جيب قيادة عسكرياً، شرق مدينة غزة. ومع فشل مفاوضات التهدئة في القاهرة، ورفْض المقاومة وقفاً متبادلاً لإطلاق النار لا يشمل تعهّداً إسرائيليّاً بعدم مواصلة سياسة الاغتيالات، عاود العدو الضغط على حركة «الجهاد الإسلامي»، باغتيال القيادي الكبير في «سرايا القدس»، إياد الحسني، عضو المجلس العسكري وقائد وحدة العمليات، مجدّداً سياسة استهداف منازل المدنيين ومنازل عناصر «الجهاد»، ليبلغ عدد المساكن المستهدَفة بالطيران أكثر من ستة، إضافة إلى استمرار عمليات قصف المواقع العسكرية والأراضي الزراعية للمواطنين.في المقابل، واصلت «الغرفة المشتركة لعمليات فصائل المقاومة» ردودها على الاحتلال، إذ أعلنت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«الجهاد»، أمس، أن المقاومة وجّهت ضربةً صاروخيةً مركّزة، تمّت على مرحلتَين، في اتّجاه القدس المحتلّة وتل أبيب ومستوطنات العدو، ردّاً على الاغتيالات واستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني. وعقّبت «السرايا»، عبر تطبيق «تلغرام» بعد توجيه الضربة الصاروخية: «لقد وَعدنا ووفَينا»، مؤكّدةً أنه «لا خطوط حمراء». ومن جهتها، قالت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، عبر «تلغرام»، إن معركة «ثأر الأحرار» «صفحة جديدة من صفحات التضحية والبطولة». وفي الإطار ذاته، علمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية، أن استهداف القدس جاء بعد مشاورات بين فصائل «الغرفة المشتركة»، ووسط مساعٍ من جانب الأخيرة إلى الارتقاء بالمعركة من قضيّة الردّ على الاغتيالات إلى الدفاع عن مدينة القدس. وتدارست «الغرفة المشتركة»، أيضاً، خيارات استمرار المعركة مع الاحتلال إلى حين «مسيرة الأعلام» المزمع تنظيمها في الـ18 من الجاري في القدس، ممّا يعني أنه في حال استمرار المعركة، فإن المواجهة ذاهبة في اتّجاه التركيز على القدس، وإطلاق المرحلة الثانية من المعركة تحت عنوان «الدفاع عن المدينة» المقدسة. ومن الاتجاه نفسه، قال القيادي في «الجهاد»، داوود شهاب، إن «قصف القدس رسالة بأن عين المقاومة مفتوحة على القدس وتبصر كلّ ما يجري فيها وما يخطّطه العدو هناك، والمعركة تقترب من موعد مسيرة الأعلام... هذا يشجّعنا على أن نستمرّ. وبالنسبة إلينا، فإن توقّف المفاوضات أو استمرارها سيّان، ونحن لم نبلّغ بالتوقّف، نحن في معركة مستمرّة ومستعدّون لخيارات كثيرة ومتعدّدة».
أفادت وزارة الصحة في غزة باستشهاد 33 فلسطينياً، بينهم 6 أطفال و3 نساء


في هذا الوقت، فشلت مفاوضات التهدئة في التوصّل إلى تفاهمات بين المقاومة والاحتلال، بعدما رفضت حكومة بنيامين نتنياهو شروط المقاومة، وبخاصّة التعهّد المكتوب أو الشفهي، فيما نقلت مصادر في «الجهاد»، لـ«الأخبار»، أن الحركة ما زالت مصرّة على عدم تكرار سيناريو مفاوضات معركة «وحدة الساحات» عام 2022، وهي معنيّة بعدم تكبيل المقاومة في قطاع غزة، واستمرار معادلات «وحدة الساحات»، وعدم السماح للاحتلال بالتفرّد بالضفة الغربية المحتلّة بعد المعركة الحالية. وكشفت المصادر أن «الجهاد» تريد أن تحصل على اتفاق بضمانة الوسطاء حول الشروط التي وضعتها، بينما ترفض حكومة نتنياهو أيّ اتّفاق معلن بخصوص هذه الشروط، وتريد أن يكون الإعلان فقط عن وقف متبادَل لإطلاق النار. لكن «الجهاد» ظلّت متمسّكةً برفض التعنّت الإسرائيلي، في حين غادر رئيس الدائرة السياسية في الحركة، محمد الهندي، أمس، القاهرة، حيث كان يجري مباحثات مع الوسيط المصري، متوجّهاً إلى لبنان بمقترح إلى قيادة «الجهاد» هناك. كذلك، واصل المصريون جهودهم وقدّموا مقترحاً جديداً ليلة أمس بخصوص التهدئة، توازياً مع إبلاغ دولة الاحتلال، المصريين، أنها سترسل وفداً إلى القاهرة لاستكمال المباحثات. من جهته، أكد الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» في فلسطين، زياد النخالة، في أول تصريح له منذ بدء معركة «ثأر الأحرار»، أن «المقاومة في الميدان بحالة ممتازة، وتواصل التصدّي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حتى تتوقّف الاعتداءات ويَقبل الاحتلال بالشروط الفلسطينية». وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين النخالة ووزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بحثا خلاله الاعتداء الوحشي الإسرائيلي على القطاع.
ميدانياً، أعلنت «سرايا القدس» استهداف تجمّع عسكري للاحتلال بعدد من «القذائف من العيار الثقيل»، مؤكدةً إيقاع إصابات دقيقة ومباشرة خلال العملية. وتبع ذلك إعلان من قِبَل «السرايا» أيضاً عن أن طائرة «جنين» المسيّرة استهدفت جيب قيادة للعدو في موقع «ناحال عوز» شرق مدينة غزة، ممّا أوقع عدداً من القتلى والجرحى، بحسبها. وقالت «السرايا»: «طائرات جنين المسيّرة التابعة لسرايا القدس في أول دخول للخدمة في هذه المعركة، استهدفت جيب قيادة للعمليات الجنوبية في موقع ناحال العوز، وأوقعت عدداً من القتلى والإصابات في المكان، والعملية موثّقة بالكامل»، فيما اعترف الاحتلال بأن طائرة مسيّرة شاركت في الهجوم على الموقع. كذلك، كشفت «سرايا القدس»، أمس، النقاب عن صاروخ «براق 85»، محلي الصنع، موضحةً أن مداه يصل إلى 85 كيلومتراً، وقطره إلى 220 ملم، ووزن رأسه الحربي إلى 40 كيلوغراماً، لافتة إلى أنه دخل الخدمة في عام 2019.
إلى ذلك، أفادت وزارة الصحة في غزة، في آخر إحصائية لها حول نتائج العدوان الإسرائيلي، باستشهاد 33 فلسطينياً، بينهم 6 أطفال و3 نساء، وإصابة 111 آخرين بجروح مختلفة.