على الرغم من الانتقادات الشديدة التي وجّهتها، أمس، «منظّمة دول التعاون الاقتصادي والتنمية» (OCED) إلى إسرائيل، بسبب قصور الأخيرة في مواجهة أزمة المناخ، وإقرار المنظّمة بأن تل أبيب لا تزال بعيدة عن تنفيذ الأهداف التي وضعتها، ومن ضمنها خفض انبعاثات الغازات حتى عام 2050، تخطّط الحكومة الإسرائيلية لإقرار سلسلة من القوانين البيئية في الضفة الغربية، والمستوطنات الإسرائيلية فيها. وانتقدت «OCED» تأخّر إسرائيل في استخدام الطاقة المتجدّدة، مصنّفةً إيّاها في المرتبة الثانية في قائمة الدول الأكثر تواضعاً في استخدام الطاقات المتجدّدة كمصادر للطاقة، مشيرةً إلى أنه «خلال العقد الأخير، زادت الحكومة الإسرائيلية دعمها المالي لأنواع الوقود المُلوّثة، ومن ضمنها الغاز والديزل، ليصل في السنوات الأخيرة إلى أكثر من ثلاثة مليارات شيكل». واعتبرت رئيسة مديرية البيئة في «OCED»، جوي تندل، أن «المواصلات هي مصدر لحوالي 24% من انبعاثات غازات الدفيئة في إسرائيل»، عازيةً ذلك، خلال استعراضها التقرير المنشور، إلى الاعتماد الكبير على السيّارات الخاصة، مضيفةً أن «إسرائيل لا تولي الاهتمام المطلوب لتطوير المواصلات العامّة بشكلٍ كافٍ».وفي مقابل عدم استيفائها شروطاً أساسية لحماية البيئة، لا تتورّع حكومة الاحتلال عن سعيها لفرض قوانين ذات طابع بيئي على الضفة الغربية المحتلّة، بهدف تعميق سيطرتها عليها. إذ يخطّط وزير المالية، والوزير في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش، ومعه وزيرة حماية البيئة، عيديت سيلمان، لدفع مشروع قرار أمام الحكومة قريباً، بشأن مخطّط لمعالجة إحراق النفايات في 33 موقعاً في الضفة. واستعرضت المخطّطَ المذكور بلدية «روش هعاين» في مؤتمر عقدته قبل أسبوع، وفق ما ذكرته صحيفة «هآرتس»، مشيرةً إلى أن النقاش تَركّز على إحراق النفايات في الضفة؛ حيث سيخصّص الوزيران، سموترتش وسيلمان، ميزانية قيمتها 20 مليون شيكل، مُعدّة لإخلاء النفايات من 25 بلدة فلسطينية، وإقامة منشآت لمعالجة النفايات في القرى الفلسطينية والمستوطنات الإسرائيلية، من ضمنها مصانع تدوير لإنتاج طاقة كهربائية من خلال الحرق.
يخطّط سموتريتش لدفع مشروع قرار أمام الحكومة قريباً، بشأن مخطّط لمعالجة إحراق النفايات في الضفة


وفي ما يفضح سعي إسرائيل لإحكام سيطرتها على الضفة تحت ستار البيئة، يتضمّن مشروع القرار بنداً ينصّ على تعديل التشريعات العسكرية الإسرائيلية السارية، بحيث يصبح بالإمكان فرض الحفاظ على النظافة بأوامر عسكرية، وما يعنيه ذلك من فرض غرامات على أشخاص أو مصادرة مركبات لدى وجودهم/ا في مواقع تجميع نفايات مصنَّفة «غير قانونية». كما ينصّ المشروع على فرض قوانين بيئية إسرائيلية على المستوطنات بهدف تعميق السيادة عليها؛ إذ قالت سيلمان إنها تخطّط لنقل الشؤون البيئية من «الإدارة المدنية» إلى وزارة البيئة الإسرائيلية. وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن الوزيرة قولها «(إنّنا) نهدف إلى ترسيخ القدرة على الحكم بيئياً. مشروع القرار هو جزء من ذلك»، مضيفةً «(انّنا) قد نضطرّ للحصول على مساعدة دولية»، من دون الكشف عن ماهية هذه المساعدة. وأشارت الصحيفة إلى أن «المسؤولية عن معالجة النفايات وراء الخطّ الأخضر (في الضفة) مرتبطة بانعدام القدرة على الحكم في مجالات البيئة حتى داخل إسرائيل ذاتها». ورأت أن «إسرائيل تُضعف السلطة الفلسطينية، مقوّضةً قدرتها على الإشراف على إخلاء النفايات في مناطق كثيرة».
وبالإضافة إلى تعميق السيطرة الاحتلالية على الضفة، ترى إسرائيل مواقع إحراق النفايات، وخصوصاً تلك الواقعة جنوبي الخليل، بمثابة «كنز» وتجارة مربحة. فبعد حرق نفايات إلكترونية مهرَّبة من الداخل، وإعادة تدوير السيارات التالفة، يُعاد بيعها في إسرائيل كمعادن مثل الألمنيوم مرتفع الثمن. وهذا الأمر ليس مقتصراً على الضفة فحسب؛ إذ بحسب الصحيفة، «هذه الظاهرة منتشرة في إسرائيل أيضاً»، فيما «تقديرات وزارة حماية البيئة تقرّ بأن 70% من المواد المسرطنة وتلك التي تتسبّب بأمراض التنفّس، مصدرها إحراق النفايات».