خرج مقطع مصور لإحدى خطب الحاخام الرئيسي للجيش الإسرائيلي، رافي بيرتس، وفيه يدعي أمام جمهرة من المجندين الجدد، أنه لا أهمية دينية إسلامية للحرم القدسي الشريف، وأن المسلمين لا يعرفون القرآن كما يعرفه اليهود. وتمسك بيرتس بآيات وأحاديث فبركها ليصل إلى النتيجة المتوخاة: «لا قدسية للأقصى والقدس في الدين الإسلامي»، بل ليسأل المسلمين: «ماذا تفعلون في الحرم والمسجد الأقصى؟».
ونقل الإعلام العبري عن بيرتس، بالصوت والصورة، قوله: «ليس في القرآن ذكر واحد لكلمة القدس، ولا حتى تلميح»، وكأن القرآن كتاب في الجغرافيا والنزاعات على الحدود بين البلدان. وأضاف الحاخام أنه يرد في القرآن آية «أقيموا لي مقدساً في الأقصى»، علما بأنها غير موجودة في القرآن، لكنه استخدم فبركتها ليصل إلى هذه النتيجة التي يقول قيها: «المقصود هو أقصى مكة، أي في شبهة الجزيرة العربية التي هي أقصى مكة، ولهذا السبب فإن (المسلمين) عندما يسجدون متجهين إلى مكة، فإنهم يعطون ظهورهم إلى جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، وهذا يعني أن الأقصى هو شبه الجزيرة العربية، والسؤال هو: ماذا يفعل المسلمون هنا في جبل الهيكل؟».
ولفت بيرتس نظر الجنود إلى أن كلمة «القدس» ليست مذكورة في القرآن، «بل غير مذكورة حتى مرة واحدة أو تلميحاً»، وقال مدعياً: «90% من العرب لا يعرفون ماذا يرد وماذا مكتوب في القرآن، وأتحمل مسؤولية ما أقوله، لأننا (اليهود) نعرف أكثر منهم بكثير ماذا يوجد في القرآن»!
وبعد أن أثارت تحريفات الحاخام ضجة في الإعلام الإسرائيلي، ردّ الناطق باسم الجيش الإسرائيلي قائلاً: «أخرجت التصريحات عن سياقها، وهي لا تعكس موقف الحاخام العسكري الرئيسي. والحاخام يعتذر إذا كانت تصريحاته قد مسّت السكان العرب»، لكن الرد على الرد، ورد أيضاً في الإعلام العبري، إذ نقلت القناة العاشرة بالصوت والصورة ما ورد في الكلمة أمام المجندين الجدد، وكان واضحاً فيها أنه لا تحريف لكلامه، بل كان التحريف منه لما ورد في القرآن.
إلى ذلك، تتواصل السجالات والتجاذب بين اليهود والحاخامات حول الحرمة الدينية في الشريعة اليهودية إزاء تدنيس الحرم من اليهود، وحرمة الدخول إلى باحاته كما يفتي معظم الحاخامات في إسرائيل وخارجها. ولا يكاد يشذ عن ذلك إلا عدد من الحاخامات التابعين للتيار الصهيوني ـ الديني اليميني المتطرف، الذين جمعوا أمس توقيع 50 حاخاماً ينتمون إلى هذا التيار، ويدعون اليهود إلى اقتحام الحرم القدسي الشريف، على أن يوزع هذا البيان اليوم (السبت)، في الكنس التابعة لهذا التيار.
وكان الحاخام الرئيسي لليهود السفارديم في إسرائيل، قد أفتى بحرمة دخول اليهود إلى باحات المسجد الأقصى، ورأى ذلك مخالفة لتعاليم الشريعة اليهودية، الأمر الذي وافق عليه معظم الحاخامات في إسرائيل وخارجها، ومن بينهم الأحزاب الدينية الحريدية الممثلة في الكنيست. ووفق حزب «يهودت هاتوراه» للحريديم الأشكناز، فإن دخول باحات الأقصى مخالف للشريعة اليهودية، ولا يقره عقل أو منطق ديني سوى المهاترات السياسية المخالفة للشريعة.
من جهة أخرى، أوضح المفتش العام للشرطة الإسرائيلية أنه لن يتراجع عن انتقاداته السابقة لعدد من نواب اليمين في الكنيست المصرين على اقتحام الحرم ودخول باحاته، مؤكداً أنه لن يسمح لهم بتكرار هذه الزيارات لخطورة تداعياتها الأمنية. ورفض انتقادات رئيس الكنيست، يولي ادلشتاين، الذي انتقد قرار الشرطة وهاجم رئيسها، مشدداً على أن الأخير لا يعرف معنى «رئيس الشرطة وطبيعة وظيفته». وكان رئيس الكنيست قد قال: «لا يحق للمفتش العام للشرطة أن ينتقد بصورة علنية نواب الكنيست، أو الحد من تنقلاتهم التي تكفل لهم أيضاً زيارة الحرم».