«بدك تقاتل؟ ماتسمّعنيش حرف إنك مش قادر حاليا تقاتل! كمان، أوعك تقللي: إستراحة مقاتل! يا رجل شكلك مقاتل مقضيها إستراحات! هياهن الأسرى من قلب السجون عم بيقودوا معركة متكاملة». هذا ما صارح به رفيق رفيقه بعد أن «فقع راسو منه». فالرفيقان تحادثا وتجادلا في قضية الثورة، وحاولا مناقشة حلول للانقسام والاختلاف الداخلي، ولكن تبين ان الأسير الفلسطيني هو من وضع الحدّ الفاصل لخلافاتهم «النقاشية» الكلامية الشفوية، ونظرياتهم الفلسفية. فهو فرض على الاحتلال وعلى العالم ميدانياً مقاومة من نوع آخر، لإبقاء الكرامة سواء بحياة او بدونها.واليوم، يبدو واضحا وجليا ان الأسرى أبطال معركة الامعاء الخاوية، انهوا الخلافات الفلسطينية أجمع بتضامنهم وقرارهم الجماعي بخوض تلك المعركة البالغة الصعوبة ضد الاحتلال معاً.
وهم، في باب المكتسبات، أعادوا القضية الفلسطينية إلى الواجهة في خضم الثورات العربية التي نسيت ذكر البوصلة، والتي أعطوها شرعية أكبر بعد ان انضم طلاب وشخصيات عربية إلى معركة الأمعاء الخاوية.
يبدو أن الهزّة التي حصلت نتيجة هذه المعركة مستمرة، لنا كفلسطينيين في كل مكان قبل أن تكون لأحرار العالم. هزة من طاقات وإمكانات مقاومة في النفوس. لا بل يبدو انها أيقظتنا من نوع من «تنويم مغناطيسي» غرقنا فيه لأسباب عدّة .
اما بالنسبة إلى عدونا، فهي ليست مجرد هزة او هزات ارتدادية مستمرة، بل تقع في سمعه كطقطقة مفاصل الجسد الفلسطيني استعدادا للمعركة المقبلة. المارد الفلسطيني يتجه نحو انتفاضة ثالثة بكل ثبات وهدوء ووعي. وبما ان الحرية والقرار الفلسطينيين يخترقا جدران السجون، فإننا، نحن الفلسطينيين في مخيمات المعمورة وشتاتها، يتراءى لنا ان رئيسنا المقبل (إن كان من جهة السلطة - او جهة الحكومة إلخ ) يجب ان يكون من داخل تلك السجون، من بين أولئك الأبطال. فاليوم، بعد الانتفاضتين الأولى والثانية، هناك الثالثة. وبعد مرور عشرات السنين على كلام القائد الفلسطيني المغتال أبو جهاد الوزير، قائد الانتفاضتين، تعود عبارته نفسها «لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة». ولهذا نقول ان هذا ليس تمنياً. فليكن رؤوساؤنا من هناك. ليس فقط لأننا في زمن المعجزات والثورات، بل لأن أولئك الجبارين لهم من الإرادة ما هو كفيل بقيادة الانتفاضة الثالثة وصيانة الأرض. ومثلما قال رفيق رفيقي أقول «بالآخر يا أخوي، في أوقات بس نفتّح عينينا ونضرب التحية العسكرية لأبطالنا بالسجون ونلاقي انّو شعبنا بعدو عم بيعلّم الشعوب، منعرف إنّو إحنا ما زلنا على الطريق المرسوم».
*مخيم برج البراجنة - عضو كتيبة 5