بالطبع لا يهمّ الوزير العوني ما ستكون ردة فعل اللاجئين بسبب هذا الكلام، فهو في الاصل لا يريدهم على الاراضي اللبنانية. فبلد «ما في مواد اولية»، لا يستطيع تحمل العبء الاقتصادي الذي سيشكله النازحون الجدد. حسن، يمكن تفهم هذا التخوف فالبلد فعلا «ما في مواد اولية»، كما انه لا يقدم الحد الادنى من مقومات الحياة للبنانيين الذين يقطنون فيه فكيف بعشرات الالاف من الوافدين الجدد اليه. لكن هناك الحد الادنى من التضامن الاخلاقي والانساني، الذي يجب على وزير في الحكومة ان يظهره. فلنتخيل المشهد، أن الحدود بالفعل اغلقت بوجه النازحين وحوصروا في المنطقة الفاصلة بين البلدين، الا يشبه ذلك ما فعله هتلر بالغجر الذين طاردهم من بلد الى بلد واغلق الحدود في وجههم؟ كيف يمكن للوزير ان ينام ليلاً وهناك الالاف يتجمدون من البرد على الحدود؟ هل سيستطيع وزير الطاقة النظر الى اطفاله وهم نائمون في دفء اسرتهم و«الشوفاج شغال» كي لا يبردوا وهناك مئات الاطفال الذين يرتجفون من البرد فقط لان الوزير فاضت وطنيته عن اللزوم؟
وقد سأل باسيل في خطبته العنصرية، عفواً الوطنية «ألا يكفينا الفلسطينيين في لبنان لتأتي بقية المخيمات إلى لبنان أيضا؟». لا يمكن العتب على الرجل فهو لا يعرف طبيعة مخيم اليرموك ولو زاره لوجده دمشق مصغرة. باسيل لا يدرك ربما أن النازحين لم يأتوا بملء ارادتهم الى مخيمات لبنان التي هي مجرد غيتوات بفضل وطنيته و«وطنية» امثاله.
الوزير باسيل ليس عنصريّاً!
لم يكن ينقص النازحين الجدد من حفلة الجنون في سوريا، الا كلام وزير الطاقة جبران باسيل، ليدركوا انهم هربوا من واقع سيئ بسبب الحرب الى اسوأ بسبب العنصرية. فهؤلاء تركوا منازلهم وارزاقهم خلفهم واتوا بالثياب التي عليهم، ليستقبلهم باسيل بمواقفه «الوطنية». فهو كما نقل عنه موقع «النشرة» قد دعا الى اغلاق الحدود في وجه هؤلاء. هذا العمل ليس عنصرياً، العياذ بالله ان نتهم وزير الطاقة بهذا، فموقفه وطني محض كما قال. باسيل نفى لاحقاً انه قال مثل هذا الكلام، واوضح انه طالب بضبط عدد اللاجئين مثلما فعلت دول جوار سوريا مثل الاردن والعراق وتركيا، وهذا شيء مشروع. لكن مواقفه اللاحقة اظهرت انه قد يكون فعلاً قد طرح فكرة اغلاق الحدود في وجه القادمين من سوريا.. ليس هؤلاء جميعا، على الأقل الفلسطينيون منهم. ففي كلمة له اول من امس بمناسبة يوم النبيذ اللبناني، طالب بالمحافظة على كل شبر من الارض اللبنانية «وعندما نقول لا نريد نازحين سوريين وفلسطينيين فذلك لأنهم يأخذون مكاننا». ولم يكن ينقصه الا القول و«يتنفسون من الهواء الذي نتنفسه» ليثبت انه وطني اكثر واكثر.