تداركت أمس حملة «طلعت ريحتكم» بعضاً من الأخطاء التي وقعت فيها خلال الأيام الماضية، بعدما انهالت الانتقادات عليها من قبل الناس الذين آمنوا بالشعارات التي رفعتها. كثيرون اتهموا الحملة بأنها تخلّت عن أناسها الفقراء، خصوصاً بعدما دعا منظموها القوى الأمنية إلى اعتقال جميع من بقي في ساحة رياض الصلح بعد إعلان الحملة انسحابها.
خسرت الحملة الكثير في «سقطتها» هذه، والأخطر أنها خسرت ثقة الكثيرين من الذين ضُربوا وجُرحوا بسبب قمع قوى السلطة لهم، لذلك كان لا بد من إعادة تنظيم الحراك الذي لم يعد ملكاً لـ»طلعت ريحتكم». منذ أول من أمس، بدأ التنسيق بين الحملة والوزير السابق شربل نحاس، المحامي نزار صاغية والخبير البيئي بول أبي راشد الذين شاركوا في الاجتماع الذي عقدته الحملة أمس بهدف وضع إطار تنظيمي مختلف لإنجاح الحراك واستمراريته، إضافة إلى البحث في الأخطاء التي حصلت سابقاً ووضع استراتيجية واضحة للتحركات المقبلة. كذلك إن التيار النقابي المستقل في صدد التنسيق مع الحملة من أجل الحشد للتحرك المقبل.

حددت الحملة
سقفها السياسي: البرلمان غير
شرعي والمطلوب انتخابات مبكرة

إذاً، تتجه الحملة إلى تنظيم صفوفها وتوسيع إطارها ليشمل المجموعات والأشخاص الذين نزلوا إلى الشارع في الأيام الأخيرة والاتفاق على خطاب التحرك. وهي أعلنت في بيانها تأجيل تحركها إلى السبت المقبل في مكان يُعلن لاحقاً. يقول صاغية إنّ سبب التأجيل هو «فسح مجال أكبر للتنسيق والتنظيم، إذ إن الأمر المقلق هو غياب الخبرة في تنظيم تظاهرات حاشدة من قبل القيّمين على الحملة، وهو ما يمكن أن يؤدي الى إفشال التحرّك». ويشير الصحافي حسان الزين إلى أننا «بدأنا نعقد اجتماعات لتقويم ما حصل في التظاهرات الأخيرة وتقويم وضعنا التنظيمي. وهناك توجه لتأليف لجان تنسيقية ستهتم بتحديد المطلب وخطاب التحرك وتوثيق الوقائع والتواصل مع الإعلام».
حددت الحملة مطالبها في المرحلة الراهنة بـ»إطلاق جميع المعتقلين من المتظاهرين فوراً، والإسراع بإجراء تحقيقات جدية وشفافة بهدف محاسبة كل من تورط بالعنف في التظاهرات الأخيرة من مسؤولين سياسيين وأمنيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق». كذلك دعت إلى «إعلان بطلان جميع مناقصات فض عروض النفايات لمخالفتها الصريحة لقانون البلديات وإعادة موضوع معالجة النفايات للبلديات مع إنشاء الصندوق البلدي المستقل ضماناً لحقوقها العائدة لها فيه، ورفع يد مجلس الإنماء والإعمار عن هذا الملف بشكل كامل، وتأكيد الإغلاق النهائي لمطمر الناعمة»، لتحدد أخيراً سقفها السياسي وفق الناشط مروان معلوف بـ»تأكيد عدم شرعية المجلس النيابي وإجراء انتخابات مبكرة».
لم يأتِ البيان على ذكر «المندسين» الذين حذّرت منهم الحملة أول من أمس واتهمتهم بافتعال أعمال الشغب، بل على العكس، أعلنت الحملة «اعتزازها بالجرأة والتضحيات التي عبّر عنها اللبنانيون في الأيام الأخيرة، وهي واثقة بأن اللحظة التي شهدناها لم تكن سوى تراكم لطبقات عديدة من القهر السابق والنضالات السابقة. وهي تفخر بأنها وفرت المساحة والفرصة لانضمام كل الأطراف (الأشخاص والمنظمات) إلى معركتنا في مواجهة السلطة الفاشلة والفاسدة».
يرى صاغية أنّ «أي مواطن لديه الحق في التظاهر مثله مثل الآخرين حتى نثبت باليقين العكس. حُكي مطوّلاً عن عدم وجوب تحويل «الاندساس» إلى هاجس لدى الحملة يؤدي إلى إلغاء فئات معينة، إذ إنّ الدعوة موجهة إلى الجميع، وتحديداً الناس المغبونة»، لافتاً إلى أنّ «هذا لا يلغي إمكانية أن يدخل الحراك بعض الأشخاص بهدف تعطيله».
تشعر الحملة اليوم بمسؤولية كبيرة نتيجة توسّع الحراك سريعاً، لذلك أعلنت أنها ستقوم «بتعزيز قدراتها التنظيمية بالتنسيق مع جميع القوى الناشطة في المجتمع ضماناً لاستمرار زخم الحراك وتصاعده». يوضح معلوف أننا «لا نتحدث عن توحيد للمجموعات والقوى، بل التنسيق مع الجميع من أجل الحفاظ على استمرارية الحراك».