«بدي ياكن كلكن تنزلوا معنا السبت لنتظاهر»، الكلام هنا لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خلال الاعلان عن برنامجه الانتخابي الأسبوع الماضي. يومها، دبّت الحماسة في العونيين على مواقع التواصل الاجتماعي حيث كان واضحاً تأييد الشباب لهذا الحراك، ولو بنوع من التحفظ، فيما كان موقع التيار الالكتروني يضرب ضربة على الحافر وأخرى على المسمار. ولكن ما لبث أن تبدد كلام باسيل عبر المؤتمر الذي عقده النائب ميشال عون قبيل يوم من التحرك، فأنهى تخبط التيار، في تأييد التحرك أو لفظه، عبر تحديد موعد مختلف للنزول الى الشارع يوم الجمعة المقبل. هكذا بدأت القاعدة العونية تتناقل جملة عون التالية افتراضياً للردّ على وضع مؤيدي «طلعت ريحتكم» كل الأحزاب السياسية في الخانة نفسها: «إن تعميم مسؤولية الفساد على الجميع يغطي ويريح الفاسد فيستمر في فساده، ويُحبِط الاصلاحي فيتوقف عن نشاطه أو يشمئز». وأتت مطالبة عون المتظاهرين بردّ الشعارات المسروقة إليه لتكسر الجرة نهائياً بين البرتقاليين والتحرك، حيث برزت حملة إعلامية وافتراضية واسعة تستعرض المحطات التي حاربت فيها الرابية الفساد، وتلفت نظر المعنيين الى أن «التيار هو من علّم اللبنانيين كيفية النزول الى الشارع والاعتراض منذ 25 عاماً».
بدا واضحاً امتعاض التيار من شعار «كلن يعني كلن» ومن زج اسم وصورة قائدهم في اتهامات الفساد، ففضّلوا التزام منازلهم على مشاركة اللبنانيين المطالب التي تلتقي تماماً مع مطالبهم.
في مقابل وضوح التيار الوطني الحر وامتعاضه العلني، برز دهاء قواتي في معارضة الحراك بطريقة مبطنة. هنا، سخّرت معراب الرئيس السابق ميشال سليمان ومحطة «أم تي في» والأمانة العامة لقوى 14 آذار وصحافييها، إضافة الى صحافيي تيار المستقبل، خدمة لخارطة طريقها التي أرادت بها حرف التحرك عن مساره ومطالبه. ففور سماعها منظّمي «طلعت ريحتكم» يتحدثون عن إسقاط الحكومة وإجراء انتخابات نيابية أولاً ثم انتخاب رئيس، كان لا بدّ من التدخل لثنيها عن تحقيق «أهداف عون وحزب الله». البداية كانت عبر سؤال سليمان على حسابه على تويتر: «ألم يحن الوقت للمطالبة بحملة #بدنا_رئيس؟»، ليتبنى بعدها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع هذا الهاشتاغ نفسه على حسابه الشخصي، غير آبه بكل التعليقات السلبية والشتائم التي كالها المغردون للرئيس السابق جراء هذا الاقتراح. الخطوة اللاحقة تمثلت في إنشاء صفحة فايسبوكية جديدة وهاشتاغ تحت عنوان #شو_ناطرين وتسويقه لزجه ضمن الهاشتاغات التي يعتمدها داعمو «طلعت ريحتكم» أسوة بـ #بدنا_نحاسب» و#مستمرون.
وقد ارتدت الصفحة معطف المجتمع المدني، معرّفة عن نفسها بأنها من تنظيم مجموعة من الشباب سئمت من الوضع الحالي والفساد، وتحمل اقتراح للحل: الابقاء على المجلس النيابي والدعوة الى انتخاب رئيس، ثم تشكيل حكومة جديدة والتفرغ بعدها لإقرار قانون انتخابي في المجلس النيابي يتيح إجراء انتخابات جديدة. ورغم تسويق جعجع بنفسه لهذه «الهاشتاغات» واعتباره كما عون مطالب المتظاهرين مطالبه، أكان في ما يخص حكومة التكنوقراط أو اللامركزية الادارية، لم يسقط المجتمع المدني في الفخ ولم يولِ الصفحة وكلام جعجع أهمية. إلا أن ذلك أيضاً لم يحبط عزيمة القواتيين الذين تابعوا نشر هذه الشعارات، وسلكوا درب العونيين نفسه بالمدافعة عن زعيمهم رافضين زجّه في ملفات الفساد.