لم تتفوّق الجلسة الثانية من حوار مجلس النواب أمس، على الجلسة الأولى الأسبوع الماضي، لجهة تحقيق أي تقدّم في بنود جدول الأعمال، وأوّلها ملفّ رئاسة الجمهورية. ومع أن مناكفات جلسة الأسبوع الماضي غابت أمس، إلّا أن الانقسام حول بند الرئاسة استمر على حاله في مداخلات المشاركين وتعليقاتهم. وبدا لافتاً غياب رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، الذي يَنقل عارفوه أنه «مستاء جداً» من «تعنّت الفريق الآخر، وتجاهل مطالب الناس»، بالإضافة إلى العرقلة في ملفّ التعيينات الأمنية، والأرجح بعد جلسة أمس، أن عون سيستمر بإرسال موفدين عنه بدل حضوره.
وفيما مثّل الوزير جبران باسيل عون في الجلسة، رفض بري السماح للنائب إبراهيم كنعان بالمشاركة، باعتبار أنه يحق لكل قطب أن يمثله مندوب واحد يحضر معه عادة.
بدوره قال النائب وليد جنبلاط كلمته ومشى لـ «أسباب شخصية»، وتمحورت مداخلته حول ملفّ النفايات بعيداً عن رئاسة الجمهورية.
وأشار بري في كلمته إلى أن «الحراك المطلبي محقّ ونؤيده، وهو يعكس جواً عاماً من الاستياء في البلد»، طالباً التزام جدول الأعمال حتى «نصل إلى مكان». وأشار إلى أنه سيرفض الحديث عن مؤتمر تأسيسي أو تعديل لاتفاق الطائف. ولاقى الرئيس تمام سلام طرح برّي حول «ضرورة استمرار عمل الحكومة وحمايتها»، مشدّداً على أن «الحكومة قدّمت ضمن المستطاع خطة النفايات، ولا يجب أن يحصل شلل في الحكومة».
وتحدث الرئيس نجيب ميقاتي عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية. وكعادته، خرج الرئيس فؤاد السنيورة عن بنود جدول الأعمال، وصنف القوى السياسية بين اتجاهين: «الأول متمسك بالدستور واتفاق الطائف، والآخر يريد تغيير الطائف ويطيح البنود الإصلاحية فيه، ويريد حماية سلاح يتناقض مع الشرعية الدولية والعربية والقرار 1701»، مؤكّداً أنه «لا يجوز مقاطعة مجلس النواب». وقال إنه شعر من التعليقات بعد الجلسة الماضية بأن هناك «فحص دم في كلام محمد (النائب) محمد رعد»، في إشارة إلى كلام التخوين.

السنيورة: الأكثرية الشعبية تعني الحريري رئيساً للحكومة ورعد رئيساً للمجلس!

وطرح النائب سليمان فرنجية أن يقوم كل طرف بوضع تصوره عن مواصفات رئيس الجمهورية. ورأى أن «الرئيس يجب أن يكون لديه حيثية في بيئته لأن النظام الحالي طائفي». واستغرب «كل ما نتناول قضية يقولون نريد تغيير الطائف، لا ترتكبوا الخطأ الذي ارتكبه الموارنة حين اعتبروا دستور 1943 لنا وحدنا».
بدوره تحدّث النائب سامي الجميّل عن مواصفات الرئيس، مكرّراً الحديث عن «الرئيس الإداري الذي يستطيع حل الملفات الاقتصادية الاجتماعية حتى لو لم يكن سياسياً». ودعا إلى الاستفادة من «الكفاءات خارج لبنان»، وقدّم مثالاً عن رجل الأعمال كارلوس غصن! وأشار إلى «انقسام استراتيجي عند المسيحيين، لذلك لا تفاهم على رئيس». وقال: «في عام 2005 كان العماد عون يمثّل 70%، صحيح، ولكن اليوم تغيرت الظروف، ورأينا نتائج الانتخابات في كسروان». وكرّر الوزير بطرس حرب كلام الجميّل، مشيراً إلى أن «الرئيس النزيه هو الرئيس القوي».
وتحدّث النائب رعد عن «استهداف المسيحيين في لبنان والمنطقة»، وأنه يجب أن يكون هناك «رئيس له صفة تمثيلية ليطمئن المسيحيين». وردّ على السنيورة متأسفاً على مسألة «فحص الدم»، لأن «(خيّنا) فؤاد اعتبر الأمر موجهاً ضدّه».
وقال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان إن حزبه «مع دولة علمانية، لكن بالوضع الحالي لا بدّ أن يستمر الجميع بالحوار، وتقبّل وجود رأي آخر». وركّز النائب طلال أرسلان على «خطة النفايات وضرورة معالجة المشكلة قبل الشتاء» لافتاً إلى أنها «الوحيدة المتوافرة حالياً». وردّ على السنيورة مؤكّداً أن «مقاطعة النواب للمجلس أمر قانوني، خصوصاً عندما يريد أحد أن يفرض علينا رئيساً».
وقدّم باسيل مطالعة حول حقوق المسيحيين، مشيراً إلى «ضرورة انتخاب الرئيس من الشعب». وردّ على كلام الجميّل عن تراجع شعبية عون، مشيراً إلى أن «هناك رئيس دولة أوروبية شعبيته لا تتخطى 10%، لكنه لا يزال الرئيس والشعب اختاره... دعوا الشعب يختار الرئيس بالاقتراع».
وبعد أن أكد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن «الظروف في الدوحة كانت أسهل، وتم الاتفاق على كل شيء في سلة واحدة»، وأن «التفاهم على الرئيس يضمن حل كل الأزمات الأخرى»، ردّ على باسيل سائلاً إياه عن «الديموقراطية داخل التيار الوطني الحر»، وأكد أنه «لا يمكننا أن ننتخب رئيساً من خارج الدستور».
وقدم السنيورة مداخلة ثانية، مشيراً إلى أن «مجلس النواب هو صاحب الحق الحصري في انتخاب رئيس»، وقال: «إذا كنتم حريصين على الأكثرية الشعبية، فعلى رعد أن يكون رئيس مجلس النواب، وسعد الحريري رئيس الحكومة، ورأينا كيف جرى التعامل مع الحريري وإزاحته». فردّ رعد بالقول: «أعوذ بالله... الرئيس برّي أخونا ويمثّلنا».
في الخلاصة، يُجمع أكثر من مصدر في قوى 8 و14 آذار، على أنه رغم عدم تحقيق أي تقدّم، إلّا أن جلسة أمس كانت «فاتحة للحديث في الملفّ الرئاسي»، بالإضافة إلى إعطائها زخماً لعمل الحكومة واستمرارها .
وليلاً، علمت «الأخبار» أن وزراء التيار الوطني الحرّ وحزب الله وقّعوا على عدّة مراسيم تتعلّق بالرواتب والأجور، إلّا أن مصادر وزارية معنية نفت أن يكون للأمر أي علاقة بطاولة الحوار، بل يقع في خانة «تسيير أمور المواطنين الحياتية والمعيشية».