في قضاء صور، معارك متنقّلة من قرية إلى أخرى أنتجت جرحى وتبادل رصاص واتهامات. أمّا صور المدينة فلم تنتخب بلدياً بسبب تزكية مجلسها، مثلها مثل 23 بلدة من مجموع 60 بلدة في القضاء. ومن ميزات معارك هذه المنطقة خلافات أمل وحزب الله في ما بينهما
ثائر غندور
مشاهد الانتخابات في بلدات صور تُشبه بعضها. أسماء اللوائح متشابهة. «إنماء ووفاء» للائحة تحالف الثنائي، حزب الله وحركة أمل. لائحة «العائلات أو المستقلون أو القرار الحرّ» للوائح المنافسة لها. الأحداث تتشابه. تشطيب متبادل بين حركة أمل وحزب الله. كلّ طرف يلوم الآخر. تلاسنٌ هنا، وتضارب هناك، «لكن أهالي القرية يتدخّلون ويُضبضبون الوضع». العناوين السياسيّة تجمع المتنافسين: إجماع على خيار المقاومة، يترافق مع شبه إجماع على اعتبار أن التحالف فُرض سياسياً من دون أن تكون الأرض مناسبة. صور أنتجت تزكيتها البلدية بعد نبش ملفات يوسف صبراوي الذي أُلغي ترشيحه بسبب صدور أحكام عليه!
في بلدة معركة الصورة تختلف قليلاً، هناك انسحب حزب الله منذ ساعات فجر يوم أمس، بعد خلاف مع حركة أمل على أسماء مرشّحي حزب الله، إذ رأى الأمليّون أن حزب الله يُدخل مناصري «آل الخليل» إلى المجلس البلدي. هذا الأمر دفع أمل إلى تبني مرشّحٍ شيوعي وآخر مستقل على لائحتها من دون التنسيق معهما، ما حدا بالمرشّح المستقل إبراهيم حسان إلى إصدار 3 بيانات يؤكّد فيها التزامه بالتحالف مع المستقلين وعدم انضمامه إلى لائحة حركة أمل.
تحوّل الخلاف السياسي بعد الفرز إلى تبادل لإطلاق النار بين مناصري الثنائي، نتج منه جرحى عدّة، بينهم مسؤولون حزبيون. وقد انقسمت البلدة، وتجمّع كلّ فريق في واحد منهما معبّئاً جمهوره.
وهو ما تكرر في بلدة شمع حيث فشل التوافق بين الثنائي، ما أدّى الى التحاق حزب الله بلائحة العائلات، بينما تُركت حركة أمل وحدها في اللائحة. لكنّ الطرفين لم يُعلنا ذلك في الإعلام.
أمّا في جويّا، فصراخ وعجقة ومغتربون «ورانجات» تقلّ ناخبين واتهامات متبادلة بالرشوة. ناخبون يسألون داخل قريتهم: «كيف نصل إلى المدرسة؟» (حيث أقلام الاقتراع). والقاطنون فوجئوا بعدد الزوار، «في البلديّة لم يكن الوضع كذلك»، يقول حسين، الشاب الذي وقف يُراقب من دون أن يرتدي زيّ أيّ من اللائحتين. في جويا، انتشار كثيف للجيش اللبناني. طوق أمني يسعى الى منع الإشكالات التي تنقّلت في هذا اليوم الانتخابي من زاوية إلى أخرى.
حسين فواز، يرأس لائحة «كرامة جويا». يتحدّث عن ضغوط تعرّضت لها لائحته. يُحدّد عنواناً سياسياً للمعركة: تحدي الائتلاف الذي يُشوّه صورة الديموقراطيّة في الجنوب وفي لبنان، «هذا يتناقض مع مفهوم الحريّة، وهو بدعة لم تكن موجودة في لبنان منذ الاستقلال». لكن فواز لا ينسى أن يؤكّد التزامه بالمقاومة. يتحدّث فواز، وحوله شبان وشابات يهزّون رؤوسهم تأكيداً. هو ينفي تهم الرشى، «هم يدفعون». شقيق رئيس لائحة أمل وحزب الله يؤكّد أن «وضع هذه اللائحة جيد»، وأنها «منبثقة من خيار الناس».

انسحب حزب الله من توافقه مع أمل في معركة فتبنّت الحركة مرشحاً مستقلاً
وفي جويّا سيدة أعمال قرّرت خوض الانتخابات بكلّ أناقتها. لارا يوسف حمود، قرّرت العودة إلى بلدتها، وإحياء إرث والدها النائب السابق يوسف حمود، «فأنا ابنة بيت سياسي»، تقول وقد رفعت شعارات نسويّة... وتعد بالمفاجآت: انتظروا فرز النتائج. صبيّة واثقة من نفسها، حولها مجموعة شبان: واحد يُحضر ماءً، وآخر مشروباً غازياً. يأتي بكرسي: لا تتُعبي قدميكِ يا بيكة، يقول الشاب. لا تجلس، لكنه يحرس الكرسي. «نسّقت مع عائلتي وسأتابع العمل بعد الانتخابات مهما كانت النتيجة»، تقول لارا.
مساء جويا كان أسوأ من نهارها. توتّر الأجواء انتهى بإشكال بين الشبان والجيش، «الذين اعتدوا على أحد الشبان وعلى أحد المخاتير الذي أصيب بجرح بليغ»، يقول أحد المرشّحين، فانتشر الجيش وأقفل الطرقات.
لم تكن المشاكل حكراً على جويا. حصل الأمر عينه في صريفا: إشكال بين أمل وحزب الله، على خلفيّة التشطيب بين الطرفين الذي استفادت منه اللائحة الثانية التي دعمها الشيوعيون والأسعديون والقوميّون، وهي لائحة غير مكتملة مؤلفة من 9 أعضاء، تلقّت أيضاً دعم بعض المعترضين في حركة أمل.
كذلك، تضارب في الرماديّة بين مناصري اللائحتين. أصل الخلاف عائلي ضمن آل برجي. أمّا معروب والشهابيّة فوضعهما مشابه لوضع طيردبا: لائحة مستقلة في وجه لائحة التحالف (ضمت الشيوعي أيضاً في طيردبا). لكن هذه اللائحة مدعومة من أمل.
في طورا، أثبتت لائحة الإمام موسى الصدر (التي فُصل رئيسها من أمل) أنها أقوى شعبياً من لائحة الثنائي.
وفي صديقين، التي واجه فيها الشباب لائحة الثنائي... حصل إشكال مسائي أيضاً. ليل أمس، كانت الاستفزازات والتلاسنات تتنقل بين القرى في صور فتحصد إشكالاً هنا وإشكالاً هناك.