أعاد أهالي العباسية إلى الأذهان أمس مشهد تحرير أرنون عام 1999. اقتربوا من السياج الشائك ورفعوه عن أرضهم، رافضين أي خروق إسرائيلية من شأنها أن تعكس رضوخ الجنوبيين للاحتلال. وواكبت وحدات الجيش هذه الخطوة المدنية، فيما أكد أحد ضباطها أن أي اقتراب إسرائيلي سيواجه بإطلاق نار
العباسية ــ عساف أبو رحال
اقتحم أهالي بلدة العباسية، ومعهم عضو كتلة الوفاء للمقاومة، النائب قاسم هاشم، مكان الخرق الإسرائلي جنوب بلدتهم حيث أزالوا الشريط الشائك ورفعوا أعلاماً لبنانية على الخط الأزرق بمؤازرة من الجيش اللبناني. وكان الإسرائيليون قد عمدوا قبل ثلاثة أيام إلى وضع هذا السياج حول قطعة أرض تقع ضمن الخط الأزرق. ومع تحرك الأهالي أمس، حضرت على الفور كتيبة إسبانية تابعة لقوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب، وحاولت منع المدنيين من الوصول إلى الخط الأزرق. لكن الجيش اللبناني أنذر الإسرائيليين من طريق اليونيفيل بإطلاق النار إذا دخل جنود الاحتلال ونزعوا الأعلام عن الشريط الشائك. ونقلت بعض وسائل الإعلام أنّ ضابطاً في الجيش من رتبة رائد توجّه إلى أحد ضباط اليونيفيل بالقول: «على جنودك النظر إلى هؤلاء الجنود الإسرائيليين المسلحين، وهنا المواطنون مدنيون ولا يملكون أي سلاح»، مؤكداً أنّ إطلاق النار سيحدث إذا نزع الإسرائيليون الأعلام اللبنانية. فيما اتّخذت قوات الاحتلال إجراءات عسكرية عند الجانب الآخر من الشريط، فحضرت إلى المكان قوة مدرعة إسرائيلية مؤلفة من نحو عشر آليات، بينها دبابات «ميركافا» واتخذت لها مواقع قتالية قبالة بلدة العباسية ويواكبها أكثر من 50 عنصراً انتشروا في محاذاة الحدود الدولية مع لبنان.
وأعلن نائب الناطق الرسمي باسم اليونيفيل، أندريه تننتي، أن المتظاهرين وصلوا إلى «المنطقة التي استهدفت أنشطة للجيش الإسرائيلي أخيراً، تقع على بعد 50 متراً جنوب خط الانسحاب، وقد نزع المتظاهرون علامات تشير إلى حقل ألغام، ورفعوا علمين لبنانيين إلى جانب الشريط التقني الإسرائيلي». وإذ قال إن دورية لليونيفيل انتشرت في المكان، في ظل وجود عناصر للجيش اللبناني، أشار إلى أنّ قواته قامت باتصالات مع الأطراف من أجل منع أي تصعيد للوضع وحثّهم على ضبط النفس، «ودعتهم إلى اتخاذ جميع الخطوات الضرورية وفقاً لمستوجباتهم المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 1701». وأشار إلى أن «اليونيفيل» طالبت بالاحترام الكامل لخط الانسحاب كما حددته الأمم المتحدة في عام 2000.
وعقد النائب هاشم مؤتمراً صحافياً قال فيه: «لا يمكن القبول بالخروق الإسرائيلية، انتظرنا الجهات الدولية ثلاثة أيام لتزيل الخرق، لكن عبثاً. الخط الأزرق في هذه النقطة تحفّظ عليه لبنان، بإرادة الشعب ودعم المقاومة وصمود الجيش سنزيل كل الخروق». وأكد هاشم الإصرار على استعادة الأراضي المحتلة، وقال: «لا نعترف بخطوط زرقاء ولا حمراء من هذه النقطة حتى المزارع، ولا نعترف بالقرارات الدولية التي لا تجدي نفعاً». وأشار إلى أنه في حال تكرار الخروق «سنزيلها من جديد». وشدد هاشم على مواجهة العدوان لاستعادة الأرض، مشيراً إلى أنّ خطة أمس واجبة تجاه أهالي العباسية، وطالب بدفع التعويضات لهم وإزالة الألغام «لأن الوفاق الوطني والاستقرار والإنماء يبدآن من هنا».
وبعد مغادرة الأهالي اقتحم العدو الإسرائيلي مكان الخرق، برفقته قردان مدربان دخلا ضمن السياج الشائك وحملا العلمين اللبنانيين إلى داخل الأراضي المحتلة، فيما الاتصالات جارية بين اليونيفيل والإسرائيليين من طريق القيادة الدولية في الناقورة.
وفي السياق نفسه، نوه عضو كتلة التحرير والتنمية، النائب ياسين جابر، بالدور «البطولي الذي أقدمت عليه بلدة العباسية الحدودية بإزالة الخرق الإسرائيلي من بلدتهم»، مشيراً إلى أن هذه «الخطوة المقاومة تذكرنا بدور شباب لبنان في إزالة الأسلاك الشائكة الإسرائيلية من مدخل أرنون في شباط 1999، حيث كانت الشرارة لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي رغم المخاطر التي واجهت حينها الشباب الذين تقدمهم إمام مدينة النبطية الشيخ عبد الحسين صادق».
وتمنى النائب جابر أن تكون «خطوة أهالي العباسية مقدمة لتحرير الجزء المحتل من البلدة تمهيداً لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا»، لافتاً إلى أن «العدو الإسرائيلي دأب منذ فترة على استفزاز لبنان بخروقه في الوزاني والعباسية والغجر غير آبه للقرار الدولي 1701، ما يؤكد أن إسرائيل لا تنصاع للقرارات الدولية وتبقى استثناءً لا تطبق عليها تلك القرارات».
إلى ذلك، نفذت وحدات مشتركة من الجيش والقوات الدولية صباح أمس، مناورات عسكرية مشتركة بالذخيرة الحية، وذلك في منطقة رأس الناقورة الحدودية القريبة من الحدود الفلسطينية المحتلة. وشارك في هذه المناورة سلاحا الدبابات والمدفعية، مع العلم بأن هذه التدريبات هدفت إلى زيادة التعاون والتنسيق في ما بينهما، وكذلك تبادل الخبرات.
وأشرف على المناورة رئيس أركان قوات «اليونيفيل»، الجنرال الفرنسي فنسيت لا فونتين، وقائد قطاع جنوبي الليطاني في الجيش العميد الركن خليل مسن، في حضور عدد من الضباط الدوليين واللبنانيين. ورافقت المناورة تدابير أمنية مشددة للطرفين من رأس العين حتى الناقورة، مع العلم بأنها المناورة السابعة بين الجيش واليونيفيل.