لم يمرّ مرور الكرام، الإبقاء على غالبية الوجوه القديمة في المجلس البلدي لمدينة الهرمل من قِبَل تحالف الأحزاب الوطنية، وعلى رأسها حزب الله وحركة أمل. غير أن الإشكالية خلف الاعتراض الأهلي، وحتى الحزبي، في المدينة التي تعاني الحرمان والإهمال وشكّلت على مدى عقود خزّاناً للمقاومة والحركة الوطنية اللبنانية بكلّ تنظيماتها، هي قرار «اللجنة المركزية في البقاع»، التابعة لحزب الله، إبقاء رئيس اتحاد بلديات الهرمل مصطفى طه في منصبه لولاية جديدة.وليس خافياً أن قيادتي الحزب والحركة اتخذتا قراراً بتقطيع الانتخابات البلدية الحالية بـ«أقل الخسائر الممكنة»، والعمل على ضبط العصبيات الحزبية والعائلية في المناطق، لا سيّما في البيئات المحسوبة على المقاومة. وعليه، فإن قرار القيادتين اعتمد على إبقاء الحصص في البلديات كما كانت عليه في البلديات الحالية، وعدم الإقدام على تغييرات جذرية قد تثير حساسيات وتولّد صراعات هامشية، في ظرف داخلي وإقليمي دقيق، مع إجراء بعض التعديلات والتغييرات «حيث تقضي الحاجة الملحّة»، على ما تقول مصادر معنية.
أمل وحزب الله: لتقطيع الانتخابات البلدية الحالية بـ«أقل الخسائر الممكنة»

التزام السواد الأعظم من أهالي الهرمل بخيارات حزب الله الاستراتيجية والدعم «المطلق» للمقاومة، لا يعنيان عدم الاعتراض على واقع العمل البلدي في المدينة، الذي قدّم تجربة أقلّ ما يقول عنها الأهالي إنها «رديئة». وبدا واضحاً، مذ بدء الحديث عن الانتخابات البلدية، أن الرأي العام في الهرمل يطمح الى مقاربة إنمائية جديدة تحفظ للمدينة حقوقها الإنمائية وترفع من شأنها كمدينة متميّزة في الشمال الشرقي للبنان. وكاستجابة جزئية لهذا الطموح، لم يرد اسم طه في اللائحة التي قدّمتها اللجنة المكلّفة من قبل حزب الله بالإعداد للانتخابات في البقاع الشمالي، بعدما تبيّن في الاستطلاعات الأوليّة أن اسمه إشكالي، وأن هناك رغبة عارمة من الأهالي في التغيير.
إلّا أن قرار «اللجنة المركزية في البقاع» فضّل إبقاء القديم على قدمه، بإعادة تسمية طه لرئاسة الاتحاد، والعمل على تعديلات «طفيفة» في المجلس البلدي، عبر تبديل عددٍ من الأعضاء الـ15 (من أصل 21 عضواً، 4 لحركة أمل وعضو للحزب السوري القومي الاجتماعي وعضو لحزب البعث العربي الاشتراكي) المحسوبين على حزب الله والعائلات. ويدور في الهمس حديثٌ عن أن إعادة تسمية طه يقف خلفها النائب حسين الموسوي، الذي يحمّله جزء من الأهالي مسؤولية فشل العمل البلدي والتنموي في الهرمل، كَون طه من المحسوبين عليه.
ووصل الأمر بالمعترضين حدّ إصدار بيانات اعتراضية باسم «شباب الهرمل» على إعادة اختيار طه رئيساً للاتحاد، والإشارة إلى الموسوي بالاسم، فيما ردّ الموسوي بمنشور عبر حسابه على موقع «فايسبوك»، ثمّ ما لبث أن حذفه. وعلمت «الأخبار» أن اجتماعاً عقد في منزل الموسوي، ضمّ طه ومسؤولي حزب الله في الهرمل المعترضين على إعادة تسمية طه، وجرى الاتفاق على الالتزام بالقرار المركزي للحزب، على أن تترك الكلمة الأخيرة لصناديق الاقتراع.
من جهة أخرى، أكّدت مصادر في القومي أن «الحزب لن يشارك، على الأرجح، في لائحة الأحزاب، لاعتراضه على توزيع الحصص». ويطالب القومي بعضوين بدل عضوٍ واحد، فيما أعلن منسّق التيار الوطني الحر في الهرمل أحمد الحسيني نيته الترشح كمستقل بعد عدم ضمّه إلى لائحة الأحزاب.
وفي وقت بدأت فيه ملامح لائحة غير مكتملة تتشكّل من عددٍ من الفاعلين في العمل الاجتماعي والسياسي في المدينة تحت اسم «لائحة معاً»، بينهم ثلاث سيّدات وعدد من المرشّحين المستقلين، ترجّح مصادر اللائحة أن تحوز عدداً غير قليل من الأصوات «لأن أهالي الهرمل سيعبّرون عن اعتراضهم على إعادة تدوير البلدية الحالية»، مع عدم المبالغة في احتمال الفوز، نظراً إلى الالتزام العام بالقرار المركزي لحزب الله. وبدا لافتاً أن «لائحة معاً» استبقت عمليات المنافسة عبر رفع شعارات تؤكّد أن اللائحة تؤيّد المقاومة، لكنّها تطالب بالإنماء للمدينة. ويتوقّع أكثر من مصدر أن تكون نسبة الاقتراع منخفضة، إذ لم تتعدّ نسبة الاقتراع في الأقلام الاختيارية في انتخابات 2010 نسبة 30%، فيما فازت البلدية يومها بالتزكية.