شكّلت مقابلة الوزير سليمان فرنجية الأخيرة مؤشراً إلى بداية تحوّل في العلاقة مع الرئيس سعد الحريري. جلس رئيس تيار «المستقبل» أول من أمس يشاهد «مرشّحه» غير الرسمي، منتشياً بما يكشفه من معطيات ويقدّمه من مواقف. على ذمّة المقرّبين من الحريري، قال الرئيس الأسبق للحكومة: «هذا هو سليمان فرنجية الذي التقيته في باريس. انظروا إليه، لقد أعطانا أكثر مما نريد»!
لم يجِد المستقبليون ما يُعبّر عن كلام فرنجية في حديثه إلى «كلام الناس» أقل من هاتين الكلمتين «واقعي وعنده حكمة»، علماً بأن الصفة المزروعة في بال التيار الأزرق عن فرنجية نفسه، صديق الرئيس السوري بشار الأسد، ويوم كان وزيراً للداخلية لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، هي أنه «عصبيّ ونفسه قصير». لكن يبدو أن زمن أول تحوّل، وبالتالي ليس غريباً أن يبدأ التسويق المستقبلي لفرنجية بشكل علني. لكن ذلك لن يحصل قبل أن يخرج الحريري شخصياً ليثني على كلام النائب الزغرتاوي، إذ توقّعت مصادر في التيار أن يتم ذلك في مقابلة قريبة للشيخ سعد، يردّ التحية إلى فرنجية بأحسن منها، ويُعلن استعداده للتسوية.
الحريري سيخرج قريباً ليُثني على كلام فرنجية ويُعلن استعداده للتسوية

لا شكّ في أن كلام فرنجية، على مدار الحلقة، جاء بمثابة مفاجأة للجميع، خصوماً وحلفاء. وهو كان كذلك بالنسبة إلى تيار المستقبل، الذي اعتبرت مصادره أن «فرنجية قدّم لنا عروضاً ممتازة، إن بالنسبة إلى قانون الانتخابات عندما رمى كرته في حضن الكتل النيابية، أو بالنسبة إلى الحقائب التي جرّدها من تصنيفها السيادي، وطبعاً حين تحدّث عن نفسه كرئيس بلدية لبنان الكبير». لكن أكثر ما استدعى اهتمام «المستقبل» هو «حديث فرنجية عن حلفائه». بالنسبة إلى حزب الله، «فضح الزعيم الزغرتاوي المستور، عندما أشار إلى علم السيد حسن نصرالله بالمبادرة منذ انطلاقتها»، الأمر الذي قرأه التيار على أنه «موافقة ضمنية من الحزب على ترشيح فرنجية إلى حين إقناع العماد ميشال عون به». ولم يكُن المستقبل ينتظر أكثر مما قاله فرنجية عن عون عندما «اتهمه بتعطيل الملف الرئاسي لرفضه الخطّة ب». وأعلن نفسه «ككيان مستقل عن فريق الثامن من آذار»، مركّزاً على «كيانيته وذاتيته غير المرتبطة بأحد»، وإن «شدد على حرصه على علاقته بالحزب». والأهم من ذلك كلّه هو «عروض المحبة التي استسهل فرنجية تقديمها إلى رئيس القوات سمير جعجع»، والتي بنى المستقبليون عليها آمالاً وصلت إلى حدّ الاعتقاد «بأن فرنجية في حال كان متمسكاً بالوصول إلى كرسي بعبدا، وهو كذلك، فلن يجِد حرجاً في زيارة معراب لإزالة كل الألغام من دربه».
و تيار المستقبل الذي قرأ في حديث فرنجية «ضمان وصوله إلى الرئاسة»، لا تتوقف مصادره عن الإشادة «ببيئة الرجل وانتمائه»، فهو «ليس من النوع الذي تُملى عليه المواقف، بل يناقش فيها». مرّد ذلك يعود إلى «اعتزازه بالعلاقة مع آل عبد العزيز، وتأكيده على الصداقة الشخصية التي نشأت مع الرئيس الحريري، مشيراً إلى صدق الأخير وترحيبه بالعمل معه». وطبعاً ليس أحب على قلب المستقبليين من مرشّح رئاسي «لا يكره المملكة على اختلاف الرؤى الاستراتيجية».
طبعاً من المبالغة الحديث عن شراكة كاملة الأوصاف بين الحريري وفرنجية. وفي تيار المستقبل، ثمّة من بدأ يتحدّث عن «سين سين» جديدة: «العهد المقبل الذي سيحكمه سليمان وسعد معاً في حال إنجاز التسوية».