لم تكن الأنظار شاخصة نحو تلال كفرشوبا فحسب، بل نحو الخيام وعين قانا ويحمر الشقيف وعربصاليم وطيردبا والضاحية الجنوبية والغازية. النصر بدا وقد تحول قالب حلوى تقاسمته عوائل شهداء القنيطرة، القائد محمد عيسى ومحمد أبو الحسن وعلي ابراهيم وغازي ضاوي وجهاد مغنية وعباس حجازي. عوائلهم كانت منذ أسبوع لا تزال تستقبل المواسين.
«هنيئاً لهم الجنة وعظم الله أجوركم والله يرحمهم». القهوة المرة والماء والسجائر ضيافتهم. أما يوم أمس، فقد تبدلت الضيافة. المرّ استحال بقلاوة و»معمول» وزّعته زوجة «أبو عيسى الإقليم» وبناته في منزلهن في عربصاليم. تقول «أم أحمد» إنها كادت أن تفك الحداد على زوجها ووالد أولادها، ما دام الموت يستحيل فرحاً بهذه السرعة على أيدي المقاومين. «أم علي»، جدة الشهيد غازي في الخيام، أزاحت فناجين القهوة وقدّمت عصير البرتقال. عصرت عشرات القناني ووزعتها على الجيران والمارين في اتجاه مطل الجبل عند أطراف الخيام ليتفرجوا على قصف المقاومة والرد الإسرائيلي. أم حسن إبراهيم في يحمر الشقيف، جدة الشهيد علي ووالدة الشهيد حسن، كررت صوابية قناعتها بأن «أولادنا في الصغر لنا وعندما يكبرون يصبحون للسيد حسن». عين قانا والغازية والضاحية الجنوبية كانت بعيدة عن خطوط المواجهة. لم تتفرج بأم العين على الدخان المتصاعد من الموكب العسكري المعادي في مزارع شبعا المحتلة. لكنها استبدلت الجبهة ببيوت شهدائها وروضاتهم التي كبرت أمس لتتمدد إلى الساحات حيث انطلقت مسيرات ترفع رايات حزب الله وتهلل للمقاومة. أكثر ما أثلج قلب أم عماد مغنية بعد سماعها نبأ العملية النوعية، كان البيان رقم 1. حللت في ذهنها أن عملية يوم أمس أول الغيث «وإلا فلماذا حددته المقاومة بالرقم واحد. يعني الرقم واحد ستتبعه أرقام كثيرة وانتصارات أكثر».