في «محافظة لبنان» مدارس تابعة لـ «وزارة التربية والتعليم في «الحكومة السورية المؤقتة» تمارس مهماتها على أكمل وجه على الأراضي اللبنانية: في التعليم وتنظيم الامتحانات واستصدار الشهادات الرسمية.«الأخبار» حصلت على وثيقة «شهادة تعليم أساسي» لدورة عام 2014، صادرة عن «وزارة التربية والتعليم» في «الحكومة السورية المؤقتة ــــ محافظة لبنان»، تفيد بأن «الطالب أحمد (...) والدته (....) المولود في (...) عام 1997، استحق شهادة التعليم الأساسي وفق الدرجات الآتية: (...)». وقد ذيّلت الوثيقة بتوقيع «مدير التربية والتعليم» محمد فؤاد مندو وبختم «مكتب التربية والتعليم في لبنان» في «الحكومة المؤقتة».

وعلمت «الأخبار» أن السفارة السورية في بيروت أرسلت مذكرة الى وزارة الخارجية اللبنانية، مرفقة بالوثيقة، تستفسر عن ظاهرة «وجود مدارس في لبنان تعمل تحت مسمّى وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة وأماكن تواجدها وكيفية قيامها باستصدار وثائق مزوّرة للطلاب السوريين». وتوقفت المذكرة عند ما إذا كانت السلطات اللبنانية تعتمد هذه الوثائق، وطالبت بإحالة مذكرتها «إلى الجهات المختصة في الجمهورية اللبنانية».
وكان «الائتلاف السوري» المعارض أجرى في 15 آب 2013 امتحانات الثانوية العامة للطلاب السوريين في لبنان بإشرافه وبتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
مدارس في لبنان
تابعة لـ «الحكومة المؤقتة» بنظام وشهادات خاصة

حراس خاصون تولوا التدقيق في بطاقات الطلاب وتفتيشهم، بمواكبة أمنية من الجيش اللبناني، رغم أن الدولة اللبنانية لا تعترف بـ «الائتلاف» المذكور، ورغم أن للدولة السورية سفارة في بيروت. جرى ذلك كله بإشراف «الهيئة التربوية السورية في لبنان» وفي غياب وزارة التربية اللبنانية (في عهد الوزير حسان دياب) التي نأت بنفسها عن التدخل في الامتحانات، مكتفية بتأكيد أن القوانين اللبنانية «لا تسمح باعتماد أي منهج، ما لم يصدر برخصة وفق الأصول مثل المنهج الفرنسي والمنهج الأميركي...»... وكفى الله المؤمنين شرّ القتال!
إشارة إلى أن «الهيئة التربوية السورية في لبنان» تشرف بشكل شبه مباشر على عشر مدارس في مختلف المناطق اللبنانية تستقبل ما يزيد على 3000 طالب. فيما تشرف مباشرة على مدرستي «الإصلاح الاسلامية» و «العناية الأهلية» اللتين تضمان ما يزيد على 600 طالب في منطقة أبي سمراء في طرابلس. علماً بأن لا حيثية قانونية معروفة لهذه الهيئة التي أُسّست «بسبب خشية المعنيين بالشأن التربوي السوري من تأثر العملية التربوية للطلاب السوريين في لبنان باتجاهات وتيارات ذات أجندات خارجية أو داخلية خفية وخطيرة» كما قال مدير المكتب التربوي في الهيئة مصطفى لولو. ومن أهداف الهيئة، بحسب مدير مكتبها الاعلامي حامد سفور «تنقيح المناهج الجديدة من الشوائب واعتماد مناهج عصرية متطورة تعتمد على قيم الوعي والعلم والأخلاق والتربية» (الموقع الالكتروني لـ «المركز اللبناني للمواطنة الفاعلة، أيار 2013). أما رئيسها جمال عبد البر فقد أكد («الأخبار» 13 آب 2013) أن «الائتلاف يتكفل بإعطاء الشهادات للطلاب الناجحين»، ضامناً الاعتراف «المحسوم به في الدول التي اعترفت بالائتلاف».
من جهته، جزم وزير التربية إلياس بو صعب في اتصال مع «الأخبار» أن الوزارة «اعترضت بشدة لدى العديد من المنظمات الدولية بشأن مقاربتها لملف تعليم الطلاب النازحين من دون علم الوزارة، وهدّدت بقطع العلاقات معها». ولفت الى أن «كل شهادة لا تصدر عن السلطات التربوية الرسمية لا يعوّل عليها ولا تعني شيئاً». وأكد الوزارة لا تعترف بغير الشهادات الصادرة عنها.
وقد حاولت الوزارة أخيراً ضبط فوضى تعليم النازحين السوريين، ونظمت، بالتعاون مع منظمة «اليونيسيف»، برنامج تعليم في المدارس الرسمية بدوام خاص بعد الدوام الرسمي، وخصصت لهم كادر تعليم من أساتذة لبنانيين، على أن تحال ملفات من يُسجّلون في المدارس الخاصة أيضاً على الوزارة للبت فيها. أما بالنسبة للشهادات ووثائق النجاح، فقد توافقت الوزارة مع المدارس على السماح بتقدم الطلاب السوريين إلى الشهادتين المتوسطة والثانوية، وعلى منحهم شهادات شرط تصديقها من السفارة السورية في بيروت ووزارة الخارجية اللبنانية.
لكن الضبط لم يكن تاماً. ففي بعض تجمعات النازحين، شرعت بعض الجمعيات ــــ لا سيما من لديها مدارس تابعة لها ـــــ بتسجيل الطلاب من دون علم الوزارة. هذا ما فعلته، مثلاً، مدارس الإيمان في صيدا. وفي كثير من التجمعات في طرابلس والبقاع والجنوب حيث تقوم بعض جمعيات الإغاثة المحلية والدولية بتعليم الطلاب من دون أي تنسيق مع الوزارة أيضاً. وتتحمّل المفوضية العليا للاجئين مسؤولية ضبط التعليم غير الشرعي. إذ إن الأموال التي تنفقها الجمعيات الدولية والمحلية على تعليم السوريين، تمر عبر المفوضية أو بالتنسيق معها. وليس خافياً أن مستقبل أطفال النازحين هو آخر ما يهمّ بعض مشاريع التعليم التي تشرف عليها بعض الجمعيات، بعدما تحولت هذه المشاريع، شأنها شأن كثير من تلك المتعلقة بالنازحين، دجاجات تبيض ذهباً لبعض القائمين عليها.