انطوان سعدبعدما أخذت المصالحة على خط حزب الله ـــــ الحزب التقدمي الاشتراكي تتثبت، مع إصرار الأخير على التأكيد أنه باقٍ في تحالف الرابع عشر من آذار، أعلن رئيس كتلة نواب المستقبل، النائب سعد الدين الحريري، اقتراب موعد زيارة وفد حزب الله لقريطم، إيذاناً بنجاح الاتصالات التمهيدية التي قام بها المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ورئيس فرع الأمن في المديرية نفسها، المقدم وسام الحسن عن تيار المستقبل، والحاج وفيق صفا عن حزب الله.
ولا بد في هذا الإطار، من التوقف عند ثلاثة أمور: أولاً، لم يُشَر إلى الجهة أو الجهات، الداخلية أو الخارجية، التي شجعت على حصول هذه الاجتماعات، والانطلاق بعملية المصالحة بين الجانبين. ثانياً، لم ترشح عنها أية معلومات عن فحواها، وعن التفاهمات التي أدت إلى تتويجها بزيارة لوفد مهم من حزب الله قيل إنه سوف يحمل دعوة من أمينه العام السيد حسن نصر الله للنائب الحريري إلى الاجتماع به. وثالثاً، لم تعترض أية جهة في الأكثرية أو الأقلية النيابيتين، ولا أية مرجعية سياسية أو وزارية غير محسوبة على الجانبين، على أن يفاوض الضابطان المذكوران باسم تيار المستقبل مع حزب الله. فيما ذكرت معلومات أنه اتُّخذ قرار بالتشدد مع الرتيب في قوى الأمن الداخلي، المفصول إلى مديرية أمن الدولة، الذي كان حاضراً في مسرح حادثة بصرما المشؤومة. وغني عن البيان، أن تطبيق الأنظمة والقوانين، إضافة إلى الانضباط، يبدأ من أعلى الهرم إلى أسفله.
وإذا كان مضمون اللقاءات بين موفدي حزب الله والمستقبل، لا يزال خارج التداول، فإن ما هو واضح على الأقل، يشير إما إلى وجود تباين مهم بين الجانبين على محتوى المصالحة المفترضة، وإما إلى أن ثمة تبايناً في الرهان على مفاعيله. فحزب الله، على ما يبدو، يرمي إلى أن تكون هذه المصالحة مدخلاً إلى تطبيع العلاقة، وطي صفحة وفتح أخرى جديدة، مع تيار المستقبل، والجمهور السني من خلفه، بعد تداعيات أحداث السابع من أيار الماضي، على العلاقات الشيعية ـــــ السنية. في المقابل، فإن أوساط تيار المستقبل قالت لـ«الأخبار» إن ما ترمي إليه من خلال ما يسمى مصالحة هو: «فض اشتباك في المناطق اللبنانية التي شهدت اشتباكات، وعدم الاحتكام إلى السلاح، وفق ما اتُّفق عليه في مؤتمر الدوحة، وتمكين الدولة من الإمساك بزمام الوضع». وتشير هذه الأوساط إلى أن قيادة تيار المستقبل «حذرة جداً من هذه المصالحة، لأنها تخشى أن يكون هدف الفريق الآخر منها أن ينتزع هدوءاً من جانبنا ليستمرّوا هم في معركتهم. أي بكلام آخر، نخشى أنّ يكون هجومهم علينا بالمصالحة كهجومهم علينا بالسلاح».
في هذه الأجواء، ورغم تراجع حظوظ تحقيق مصالحة في الجانب المسيحي، بعد مواقف الأفرقاء في الأيام الأخيرة، وبخاصة بعد خطاب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الوزير السابق سمير جعجع، وردود الفعل عليه من جانب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، ورئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، تستمر الرابطة المارونية في مساعيها. وسيجتمع اليوم وفد من مجلسها التنفيذي برئاسة الدكتور جوزيف طربيه، مع جعجع، وغداً مع الرئيس أمين الجميل، والعماد عون، بعدما اجتمعت السبت الماضي مع فرنجية.
وتنطلق الرابطة المارونية في مبادرتها الحالية من تداعيات حادثة بصرما، ومن جو المصالحات بين مختلف القوى السياسية اللبنانية المتخاصمة. وهي تطرح على القيادات السياسية التي تلتقيها سؤالاً مباشراً وبسيطاً: «لماذا بإمكان الأطراف التي تفصلها خلافات طائفية، وسياسية، وإيديولوجية لها امتدادات محلية وإقليمية ودولية متشعبة، أن تتصالح أو على الأقل تجلس معاً وتتحاور، وليس في مقدور القيادات المارونية، في المقابل، أن تلتقي وتتفاهم في ما بينها، في بكركي أو بعبدا، أو أي مكان آخر، على سبيل تجنب تكرار الصدامات، وحصر الخلاف بالأطر الديمقراطية؟».