التيار الوطني الحر ممثل في بلدية بيروت للمرة الأولى، إذا ما اعتبرنا أن لائحة "البيارتة" الحريرية ستفوز في الانتخابات البلدية. يبدو العنوان جذاباً للوهلة الأولى، فـ"الإصلاح والتغيير" وصل إلى المكان الذي كان يصفه بأحد "أوكار الفساد". ويفترض تالياً أن يكمّل دخوله بخضة سياسية في المجلس البلدي، ومشاريع إنمائية تنصف السكان وشوارع المدينة. ومن الطبيعي لإتمام هذا العمل، أن يكون دخول العونيين مقروناً ببرنامج انتخابي أولاً، وبحصّة وازنة قادرة على ضرب يدها على الطاولة. ففي عام 2004 ترشح العونيون (زياد عبس وجورج نخلة وديانا المتني) على لائحة نائب رئيس حركة الشعب إبراهيم الحلبي وشربل نحاس وآخرين وفق برنامج سياسي محدد وواضح لإعادة ما اغتصبته سوليدير إلى أصحابه. وفي 2010 قاطعوا لائحة السلطة تحت العنوان نفسه وخاضوا معركة اختيارية ضد قوى 14 آذار. غير أنهم في 2016 أسقطوا ما قاتلوا لأجله في السنوات الماضية وارتضوا التصفيق للمدير العام لسوليدير جمال عيتاني، وهو يعلن برنامج عمله لتشجير بيروت وزيادة أرصفتها! فجأة، نسوا أن الانتخابات تخاض وفق برنامج إصلاحي لا يمثله مغتصب 20% من أرض بيروت وقاضم البحر والحجر. ونسي المكلفون التفاوض بشأن بلدية بيروت أن التغيير من الداخل يتطلب تمثيلاً وازناً. أما القبول بحصة من مرشح واحد (جو طرابلسي)، فلا يرى فيها عونيون سوى فشل ذريع، شأنها شأن التلهي بمذهب المرشح. وليس الادعاء أن "عقدة" التمثيل التي علقت المفاوضات 24 ساعة، حلت مع استبدال المرشح السرياني بآخر كاثوليكي، سوى بيع الرأي العام سمكاً في البحر. ففضلاً عن "سوريالية" التعامل مع مذهب المرشح بصفته معركة سياسية تستحق أن تُخاض، فإن المرشح الكاثوليكي سليمان جابر هو في الأصل من حصة النائب ميشال فرعون. لكنه أضيف إلى حصة العونيين، لكي يُقال إن ما ناله التيار مساوٍ لما حصلت عليه القوات. لا يختلف وضع التيار عن وضع الكتائب الممثل بمرشح واحد يدعى جوزيف روفايل، والقوات بمرشحين: ايلي يحشوشي وراغب حداد. الأحزاب التي تتصدر المنابر منصّبة نفسها المدافع الأول عن حقوق المواطنين ولا تفوت فرصة لافتعال مراصد للفساد وتأليف كتب ومطولات في الفساد والسرقة والهدر، تدخل اليوم مجلس بلدية العاصمة (في حال فوز اللائحة) ببرنامج "إنمائي" مهندسه بلال حمد آخر، ولكن بوجه مختلف. يحكى في هذا السياق، أن جمهور التيار الوطني الحر في بيروت اعترض أول من أمس على ضعف تمثيله، وأوضح ذلك ببيان وصل إلى رئيس الحزب جبران باسيل. فكان تبني ترشيح جابر حفاظاً على ماء الوجه أمام الرأي العام البرتقالي. لعبة لم تنطل على عونيين كثر يرددون المآخذ المذكورة أعلاه عن تمثيلهم. ويرجح أحد قيادييهم في بيروت أن "يتمرد" جزء من الجمهور العوني على قرار القيادة في صندوق الانتخابات، والتصرف كما لو أن مرشحهم الرسمي اسمه شربل نحاس!