كان رئيس بلدية كفررمّان كمال غبريس أول من تقدم بطلب ترشيحه رسمياً للانتخابات البلدية في كفررمّان. لم يسبق منافسيه المفترضين لأنه يضمن فوزه لولاية ثانية، بل لأنه يوجه رسالة لإخوانه في حركة أمل مفادها: "أنا هنا من دونكم". فاللجنة الانتخابية الخضراء الموكلة بطبخ لوائح بلدات النبطية، استبعدت غبريس بعد أشهر على طرده من تنظيم "أمل". لكن الكادر المطرود ينفي أولاً طرده، ويروّج أنه لا يحتاج إلى تزكية من الماكينة "ما دامت إنجازاتي (منها حمايته لمحال بيع الكحول من التهديد بالإقفال والاعتداء) ومشاريعي وحب أبناء كفررمان، تزكيني رئيساً مجدداً"، يقول. إصرار غبريس على الترشح على لائحة مدعومة من بعض العائلات والأحزاب الصغيرة، باسم "أمل" لكن ليس باسم الماكينة، في مقابل اللائحة الرسمية المدعومة من توافق "أمل" وحزب الله، سيفرض معركة لن تقل ضراوة عن دورة 2010، مع اختلاف المتقاتلين.مع السياسة والمصالح، لا يبقى شيء مستحيلاً. حتى ثلاثة أعوام خلت، كان الحاج كمال ابن "أمل" المدلل والحائز مظلة تفرض غض النظر عمّا يشاع من اتهامات له بنشاطه في مجال تهريب المازوت. هاني قبيسي، عضو كتلة التنمية والتحرير، ابن زبدين، زكّى ترشيح صديقه رئيساً لبلدية كفررمّان ضمن توافق الثنائي الشيعي الذي تقاسم البلدية (9 لأمل و6 للحزب). لكن غبريس لم يحفظ جميل قبيسي. بسبب خلافات شخصية، انقلب عليه وحوّله إلى خصم لدود، محاولاً "التلطّي" تحت جناح عبدالله بري (نجل الرئيس نبيه بري)، وشريكه في المنطقة حسين أخضر. الخلافات سرعان ما دبّت بين غبريس وحليفيه الجديدين. قصد "الريّس" الرئيس بري ليشكو إليه نجله. ورغم أن رئيس الحركة وعده بتسوية الخلاف، إلا أن وجود غبريس لم يطل في التنظيم. طرد من "أمل" وتصاعدت من حوله حملات التطويق والتشويه، إلى أن بلغت أزمته حدّ رفع شكوى ضده في النيابة العامة الاستئنافية في النبطية من قبل أخضر، بتهمة تزوير في ملكية أراض في البلدة. قيل إن تدخلاً من حركة أمل نفسها "منع توقيفه، برغم أن القضية لا تزال أمام القضاء". لكن الغطاء لم يشمل صهره كاتب البلدية علي عفيف الموقوف منذ أشهر بتهمة المشاركة في التزوير. وتقدّم غبريس بشكوى مضادة ضد أخضر.
غبريس مرشح حالياً لرئاسة البلدية، فيما قبيسي رئيس اللجنة الانتخابية المسؤولة عن بلدته. في المشهد الانتخابي حتى الآن، غبريس يجري لقاءات مع عدد من وجهاء العائلات لتشكيل لائحة مستقلة في وجه لائحة التوافق. على نحو مبدئي، استطاع حشد تأييد اليسار الديموقراطي وحزب طليعة لبنان (مناصرو حزب البعث العراقي). في المقابل، حشدت لائحة التوافق تأييد ابن البلدة النائب عبد اللطيف الزين. وتتنافس أمل مع غبريس حالياً على استقطاب مناصري المكونات الأخرى: المؤتمر الشعبي والتيار الشيرازي وحزب البعث العربي الإشتراكي. لكن بيضة القبان، هو الحزب الشيوعي اللبناني في البلدة التي تعرف بـ"كفرموسكو" بسبب تاريخية حضور الحزب فيها وانضواء الكثير من أبنائها في صفوفه. وتحاول الماكينة الخضراء أن تستثمر القوة الحمراء لمصلحتها لضمان كسر غبريس الذي يحظى بشعبية وقدرة مالية، ويهدد بشق شعبة أمل وتشتيت المحسوبين عليها. كما تسعى أمل إلى الاستفادة من تجربة 2004 عندما تحالفت مع الشيوعيين وهزمت لائحة حزب الله، ووافقت حينها على أن يكون "رفيق" شيوعيّ رئيساً للبلدية. تكثر الشائعات في البلدة حول توجه الشيوعيين في المعركة. بعضهم يشيع بأنهم سيتحالفون مع غبريس ضد "أمل" وآخرون يشيعون بأن "أمل" استطاعت إقناعهم بالمشاركة في لائحة التوافق وتقاسمها ثلاثياً: خمسة أعضاء لكل من أمل وحزب الله والشيوعيين.
حاتم غبريس، مسؤول منطقية الحزب الشيوعي في قضاء النبطية، نفى تلك الشائعات، جازماً بأن الحزب الأحمر سيكرر تجربة انتخابات 2010، ويخوض المعركة منفردا ضد توافق ثنائي حزب الله ــ أمل الذي "يُسقط أسماء الأعضاء على البلدات ومكوناتها". حينها، خسرت لائحته بفارق 400 صوت في مواجهة حزب الله وأمل ومناصري "القوى الوطنية" والتيار الشيرازي وأنصار النائب الزين واليسار الديموقراطي. وذكر غبريس أن كوادر الحزب في البلدة جالوا على فعالياتها والأحزاب والزين، وعرضوا على حزب الله وامل "تشكيل لائحة نموذجية تتمثل فيها الأحزاب بحسب أحجامها على أن يتشاركوا جميعاً باختيار رئيس ونائبه يطبّق مبدأ المداورة بينهما كل ثلاث سنوات". لكن العرض "رفضته قيادة أمل" التي عرضت على الشيوعيين المشاركة بلائحة ثلاثية (أمل وحزب الله والشيوعي) بخمسة أعضاء لكل منهم. ويؤكد غبريس: "رفضنا المحاصصة الثلاثية كما رفضنا المحاصصة الثنائية وإقصاء الآخرين". وعن "الريس" كمال، أكد ابن عمه أن الشيوعي "الذي خاض المعركة ضد بلدية غبريس في 2010، لن يقبل أن يترأس هو نفسه لائحة الشيوعي أو أن نشارك معه في لائحته". حيّد الشيوعيون أنفسهم عن خلاف أمل الداخلي. "لا نعمل بكيدية ولن نستغل الخلاف". حتى مساء أمس، كان باب الشيوعيين لا يزال مفتوحاً أمام نظرائه في البلدة، "بانتظار اقتناعهم بلائحة تشاركية جامعة".