تحت صخب الضجيج السياسي والفرز المذهبي، «لطّت» جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية (الأحباش) رأسها في مرحلة ما بعد الخروج السوري من لبنان. لم تعلن دعماً للرئيس السوري بشّار الأسد، على الرغم من العلاقة القديمة مع سوريا، ولم تعلن عداءها للنظام السوري على الرغم من الهجمة السعودية الشرسة، والتهم الجاهزة بالمشاركة في قتل الرئيس رفيق الحريري لكل من لم يخضع لسطوة الاغتيال. نأت الجمعية بنفسها، لكنها بقيت في صفوف المحذّرين من الخطر الوهّابي والتكفيري على العالمين العربي والإسلامي. وجمعية المشاريع، كما في كلّ موعد للانتخابات النيابية أو البلدية، من بيروت إلى طرابلس إلى البقاع، تتحيّن الفرصة لتذكير الجميع، حلفاء وأخصاماً، بأن «الأحباش» رقم انتخابي صعب ومحسوم، لا يتأثر بغياب المال السياسي ولا يتراجع مع اشتداد العواصف.وعلى عادتها، كما في 2010، قرّرت الجمعية خوض الانتخابات البلدية والاختيارية للحفاظ على «السكور» مجدّداً. وإن كانت فرص دخول لائحة الوفاق في طرابلس والميناء لا تزال احتمالاً بالنسبة إلى الجمعية عبر المشاركة بعضو في كل مجلس، وأمر المشاركة بعضوين في اللائحة الائتلافية في بعلبك قد حسم، فإن عينها على إثبات أنها «القوة السنية الثانية في مدينة بيروت»، على ما يؤكّد رئيس المكتب الإعلامي عبد القادر الفاكهاني. ومن خارج لائحة تيار المستقبل التي يرأسها جمال عيتاني، اختارت الجمعية خوض المعركة بمرشّح لعضوية المجلس البلدي هو المهندس محمد مشاقة، وبثمانية مرشحين للانتخابات الاختيارية، هم: خليل العيتاني عن المصيطبة، جهاد القبرصلي عن الباشورة، خالد العيتاني عن رأس بيروت، عمر الدياب عن المدوّر، جمال عميرات عن زقاق البلاط (مختار حالي)، فؤاد صدقة وعصام القيسي عن المزرعة، وبلال الحمصي عن المرفأ.
في الانتخابات البلدية الماضية، خاضت «المشاريع» معركة شرسة في كل بيروت. كان المختار ناصر أحمد العرب، مختار المزرعة الحالي، يرأس لائحة تيار المستقبل في الحي، وهو يرأس لائحة المستقبل الحالية. نال مرشّحا الأحباش القيسي وصدقة 5600 و5400 صوت على التوالي، فيما نالت لائحة المستقبل، أي 15 مرشحاً اختيارياً، بين 15 و16 ألف صوت.
الفاكهاني الذي يعترض على قانون الانتخاب الأكثري، مطالباً بقانون نسبي يعكس نسب التمثيل الحقيقية للقوى، يؤكّد لـ«الأخبار» أن «المشاريع منفردون وليسوا منغلقين»، مشيراً بذلك إلى إمكانية أخذ أصوات قوى 8 آذار الأخرى في الدوائر البيروتية. ويقول مصدر في قوى 8 آذار إنه كان من الممكن خوض معركة مهمّة في الانتخابات الاختيارية بمرشحي المشاريع ومرشحين آخرين من قوى 8 آذار السنية بالتحالف مع حزب الله، و«إمكانية الربح في الباشورة والمصيطبة والمرفأ وزقاق البلاط كبيرة».
أمّا في ما خصّ مشاقة، فيؤكّد الفاكهاني أن مرشّح الجمعية «البلدي» سينال على الأقل 10 آلاف صوت، فيما ترجّح مصادر قوى 8 آذار أن يصل الرقم إلى 12 ألفاً، بالإشارة إلى إمكانية حصول مرشح المشاريع على أصوات من حزب الاتحاد قد تصل إلى 2000 صوت وقوى بيروتية أخرى، وأصوات الحزب السوري القومي الاجتماعي التي تصل إلى 1500 صوت.