تستعد بلدة المرج (البقاع الغربي) لخوض الاستحقاق الانتخابي بمعركة «على المنخار» بين ثلاث لوائح: الأولى باسم «لائحة التضامن والإنماء» يرأسها رئيس البلدية السابق كمال حرب، والثانية برئاسة منور الجرّاح، ابن عم النائب عن تيار المستقبل جمال الجرّاح، والثالثة يرأسها رئيس البلدية الحالي ناظم صالح.ومع أن مساعي عدة بذلت لتحقيق الوفاق في البلدة، خصوصاً بعد التفاهم بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم على بثّ روح الوفاق في بلديات البقاع الغربي والأوسط، إلا أن طرح النائب الجراح بالتوافق على شخصية حيادية لا تكون من العائلات الست الكبرى في البلدة، لم يعرف طريقه إلى النجاح. وبينما تتّهم مصادر الجراح مراد بـ«تخريب» التوافق، عبر «إقناع آل حرب برفع سقف مطالبهم وعدم قبولهم بالصيغة»، علماً بأن الجراح من أبرز المعترضين على الوفاق بين الحريري ومراد، نفت مصادر الأخير أن يكون قد تدخّل من قريب أو بعيد في انتخابات المرج و«نحن مع التوافق بشكل كامل في كل القوى»، لافتة الى أن «بين مراد وآل حرب إشكالية قديمة، قُطعت على أثرها كل قنوات الاتصال بينهما».
وتمكّن الجرّاح من تثبيت لعبة تنافس العائلات في البلدة، على حساب الارتباطات الحزبية، بعد أن ضمّت لائحة قريبه رئيس البلدية السابق عماد الشموري، وهو عضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي، بالإضافة إلى أحد البعثيين وأحد المحسوبين على مجلس الجنوب وحركة أمل. وفي الوقت نفسه، يشنّ الجراح حملة إعلامية على حرب، على خلفية حضور الأمين العام القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي معين غازي حفل إعلان لائحته. ويقول أحد فعاليات البلدة لـ«الأخبار» إن «ما يحلّله الجراح لنفسه يحرّمه على غيره»، مؤكّداً: «لن ننتخب لائحة البعث، كذلك لن ننتخب لائحة الجرّاح... ستكون لنا لائحة من الكفاءات والخبرات من جميع اللوائح، مش زي ما هي».
نجح الجراح في تصوير نفسه اللاعب الأوّل في بلدته بهدف تأكيد نفوذه أمام الحريري

وبوجود ثلاث لوائح من دون عنوان سياسي للمعركة وبشخصيات متداخلة، تبدو فرص فوز الجرّاح بلائحة «مختلطة» أقرب السيناريوهات إلى التحقّق. فبحسب مصادر متابعة في البلدة، «لائحة صالح تأخذ من درب لائحة آل حرب، وبالتالي تعطي الجرّاح فرصة أكبر لحصد أكبر عدد من الأعضاء». فيما تؤكّد مصادر في قوى 8 آذار أن «الجراح نجح في تصوير نفسه اللاعب الأوّل في بلدته، والهدف هو التأكيد أمام الحريري لنفوذه».
اللعبة الديموقراطية لا تقلق أهالي المرج، إنّما يتخوّف هؤلاء من تجدّد التوّترات بين آل حرب وأبناء العشائر العربية على خلفيات ثأر قديمة، خصوصاً بعدما وافق وزير الداخلية نهاد المشنوق على طلب فصل أقلام الاقتراع للعشائر العربية عن البلدة، ونقلها الى منطقة الجراحية حيث يقيمون. وبحسب مصادر مطلعة، فإن الجراح ضغط لدى وزير الداخلية لفصل أقلام الاقتراع. ويقول حرب لـ«الأخبار» إنه «لا توجد حجة لدى الجراح ورئيس البلدية لتقديم طلب الفصل، لأن عملية النقل هدفها منع مندوبينا من الوصول إلى صناديق الاقتراع في الجراحية، ومن لدينا معهم مشكلة، لا يقترعون في البلدة، بل في مجدل عنجر والروضة وبرالياس». ويتابع حرب: «نتخوف من أن يكون هدف نقل الأقلام هو خلق فتنة، لأننا سنكون في الجراحية، وأي إشكال يحصل، نحمّل مسؤوليته لمن تقدّم بالطلب وضغط للموافقة عليه». من جهتها، تقول مصادر الجراح إن «حرب يريد أن تبقى الصناديق في البلدة، كي لا يحضر أبناء العشائر للتصويت، لأنه يعرف أنهم سيصوتون ضده».

الجرّاح «يخرّب» وفاق الخيارة

ومن المرج، إلى الخيارة، مسقط رأس مراد، التي نامت على وفاق باقتسام الولاية البلدية ثلاث سنوات لكلّ من محمد علي مظلوم ومحمد محيي الدين الكردي، واستفاقت على معركة بين لائحتين يرأس مظلوم والكردي كلاً منهما، للتنافس على لائحة من 9 أعضاء. ويتردد أن الجرّاح ضغط على الرئيس الحالي قاسم مظلوم لتخريب الوفاق، بعد أن تمت «قراءة الفاتحة» بحضور مراد شخصياً لتحقيق التوافق. ويصف أحد المرشّحين النائب الجرّاح بالـ«عزّيم» (من يجول على بيوت الناس ليدعوهم إلى العرس)، إذ إنه «يجول على الفعاليات ليعطل أي وفاق يعمل عليه مراد».
وجزم محمد مظلوم لـ«الأخبار» بأن «تدخل الجراح عبر قنوات عند العشائر، جعلهم يرفعون من مطالبهم في المجلس البلدي والمطالبة بعضوين ونائب رئيس، بعدما كانت الصيغة نائب رئيس وعضو، وهنا وقعت إشكالية سحب الأعضاء الذين نرشحهم». بدوره، يشير الكردي إلى أن سقوط التوافق سببه أن «مظلوم لم يحط وجهاء عائلته بصورة النتائج». ويضيف: «تفاجأنا بعدها بأن أحد فعاليات عائلة مظلوم المقربة من النائب الجراح رفض المناصفة والحصة، وأراد الذهاب إلى المعركة».
مصادر مقربة من مراد، أكّدت أن رئيس حزب الاتحاد «عمل على الوفاق منذ بدء بروز أسماء المرشحين، مستعيناً بعلاقاته الشخصية بالناس والمونة على الشخصيتين، وحلحلة العقد عند العشائر من خلال زيارته لهم برفقة مظلوم والكردي»، مضيفة «أن أحد نوّاب المنطقة يبدو أنه لا يريد التزام القرار المركزي لقيادته».