في بعلبك «مدينة الشمس»، بدت الحماسة للانتخابات البلدية باهتة صباحاً. شوارع شبه خالية، فحتى ساحة السرايا التي تشهد عادة زحمة سير خانقة، خلت صباحاً من المارة والسيارات. وحدها السيارات التي تحمل مكبّرات الصوت، التابعة لماكينة حزب الله الانتخابية، كانت تخرق صمت الشوارع وتقضّ هدوءها بالأناشيد الحماسية. الأمر يكاد يكون نفسه أمام مراكز الاقتراع، لولا عشرات المندوبين التابعين للماكينتين الانتخابيتين للائحتين المتنافستين. لائحة «التنمية والوفاء»، التي ضمت ائتلاف «حزب الله» وحركة أمل مع الأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية في المدينة، ولائحة «بعلبك مدينتي» المدعومة من غالب ياغي وجزء من العائلات.وبقي الترقب سيّد الموقف نتيجة تدني نسب الاقتراع طيلة فترة ما قبل الظهر، لكن أحد مندوبي لائحة ياغي كان متفائلاً. يعلق المندوب آمالاً على الناخبين البعلبكيين، «طول عمرها بعلبك بتقترع من الضهر وطالع، وحتى الدقيقة الأخيرة». وبالفعل، النسبة المتدنية صباحاً سرعان ما تغيرت في فترة ما بعد الظهر، لترتفع وتصل إلى حدود 45%، ولتشهد مراكز الاقتراع حركة كثيفة. الأصفر والأخضر، وإن حضرا بشكل كثيف، إلا أن ذلك لم يحبط من عزيمة مرشحي لائحة «بعلبك مدينتي» وماكينتهم الانتخابية، فقد رشحت معلومات عصر أمس عن «حملة تشطيب» مورست من قبل «عائلات شيعية» في المدينة، بحق بعضها البعض، الأمر الذي زاد من عزيمة «العائلات السنية» وتيار المستقبل الذي جيّر أصوات مناصريه للائحة ياغي، ورفع نسب الاقتراع «السني إلى 56%، في حين لم يسجل أكثر من 41% لدى العائلات الشيعية»، بحسب ما شرحت مصادر مواكبة لـ«الأخبار». إلّا أن الفوز كان من حصّة اللائحة المدعومة من حزب الله وتحالف الأحزاب، بفارق كبير على لائحة ياغي.
وإذا كانت بلدات في قرى شرقي بعلبك لم تشهد معركة انتخابية قاسية بسبب المنافسة بين لائحات مكتملة ومرشحين منفردين، فإن بلدة جنتا حرصت على السير بالعملية ديموقراطياً، إلى أن حصل تدخّل «حزبي» بحسب ما يؤكد ابن البلدة علي أيوب لـ«الأخبار»، ومحاولتهم «قلب الدفّة لمصلحة رئيس البلدية الحالي أحمد أيوب من أجل متابعة مشروعهم القديم المتمثل بمعمل الموت»، ما أدى إلى حصول خلاف بين أفراد من عائلة أيوب وآخرين من آل مبارك، تطور إلى إطلاق نار. وسرعان ما تدخل الجيش وأعاد الأمور إلى طبيعتها. وفي بلدة حوش النبي، وعلى أثر خلافات على الانتخابات البلدية والاختيارية، وبحسب مصادر أمنية، أطلق المدعو ع. الحاج حسن والمدعو و. ح. ح. النار من أسلحة حربية على عدة أشخاص، بينهم مؤهل في قوى الأمن الداخلي، ونقل المصابون إلى مستشفى رياق للمعالجة، ليقوم الجيش بعمليات دهم داخل البلدة للبحث عن مطلقي النار، الذين تمكنوا من الفرار.
فاقت نسبة
الاقتراع الـ«55%»
في عرسال

أما في طاريا، فقد شهدت منافسة بين لائحتين مكتملتين، الأولى «التنمية والوفاء»، المدعومة من «الثنائي الشيعي»، والثانية «أمّة حزب الله» المدعومة من العائلات. حماوة المعركة تجلت في زحمة الناخبين مع الدقائق الأولى لفتح صناديق الاقتراع، ونسبة اقتراع وصلت إلى حدود 65%، وهي النسبة الأعلى في سائر قرى المنطقة.
وتشابهت العملية الانتخابية في دير الأحمر وشمسطار، حيث ترشّحت في البلدتين لائحة مكتملة مقابل أخرى غير مكتملة بخمسة مرشحين. وفي دير الأحمر، تمكن الدكتور طارق حبشي من تشكيل لائحة عائلية مكتملة، تنافسها لائحة غير مكتملة من سبعة مرشحين. أما في شمسطار، فلائحة «التنمية والوفاء» المدعومة من حزب الله وحركة أمل، مقابل لائحة غير مكتملة بخمسة مرشحين.
وفي البقاع الشمالي وبلدة عرسال التي نجحت في «امتحانها الديموقراطي» أمس، بمؤازرة أمنية قوامها 2300 عسكري ورجل أمن ما بين أحياء البلدة و«المنطقة الخضراء» حيث مراكز الاقتراع في محلة راس السرج، لم يسجل في البلدة أي حدث أمني، الأمر الذي انعكس إيجاباً على نسب الاقتراع التي فاقت الـ«55%» على الرغم من «التأخير الناجم عن الأخطاء في لوائح القيد وسجلات نفوس الناخبين» كما يؤكد لـ«الأخبار» باسل الحجيري الذي يرأس لائحة «عرسال تجمعنا». الناخبون العراسلة نقلوا بواسطة فانات وسيارات أجرة من داخل أحياء البلدة إلى «المنطقة الخضراء»، وعبّروا عن ارتياحهم لعودة عرسال إلى «كنف الدولة»، «وإن مؤقتاً» كما يقول أحد الناخبين. وبقيت المنافسة بين ثلاث لوائح، حيث لم تنجح المساعي التي تدخل فيها تيار المستقبل لدمج لائحتي «الحزم» التي يرأسها علي الحجيري «أبو عجينة»، مع لائحة «عرسال أولاً»، بعد الرفض القاطع بضم «أبو عجينة»، «حتى لا تنعكس صورته السلبية على لائحة عرسال أولاً»، وليخوض «أبو عجينة» الانتخابات بلائحة غير مكتملة بـ18 مرشحاً، بوجه لائحتين مكتملتين منافستين.
وليس بعيداً عن عرسال، خاضت بلدة القاع معركة انتخابية عائلية ــــ حزبية بامتياز بين ثلاث لوائح. «التخطيط والتنمية» ويرأسها سمير عوض ومؤلفة من العائلات، ولائحة «أرضي هويتي» المدعومة من القوات اللبنانية ويرأسها بشير مطر منسق القوات في القاع، ولائحة «الإنماء والإصلاح» التي يرأسها وهبي البيطار والمدعومة من التيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الاجتماعي. وحتى ساعات متأخرة من ليل أمس، كانت النتائح لا تزال متقاربة في القاع بين لائحة القوات ولائحة العونيين ــ القوميين، الذين فازوا بمعركة المخاتير.