عدا أنه كشف عن ملامح الشهيد في صور حديثة ملونة غير تلك المتداولة له باللونين الأبيض والأسود وتعود الى ثمانينيات القرن الماضي، أفرز اغتيال القائد العسكري في حزب الله مصطفى بدر الدين مشهداً إعلامياً في التعاطي والتوصيف فاق التوقع ربما لدى ألد الخصوم والأعداء. المشهد الإعلامي العربي، خصوصاً الخليجي، تفنن في المصطلحات والتأويلات وحتى الفبركات ليصل الى رسم صورة في غاية التشويه لبدر الدين. في المقابل، راوح التعاطي الإعلامي المحلي بين البرودة، وتقديم خطاب مقاوم، وآخر مرّر "شماتة مبطنة".«الجزيرة» القطرية التي وضعت أسفل شاشتها شريطاً عاجلاً "حزب الله يعلن مقتل القيادي الميداني البارز مصطفى بدر الدين»، عرضت تقريراً إخبارياً سردت فيه سيرة بدر الدين، وخصّت الحديث عن سوريا، خصوصاً «بعد انطلاق الثورة في سوريا وتحول فوهة البندقية نحو المعارضة السورية». القناة القطرية كانت تصرّ في تغطيتها هذه على إيراد رواية ثانية مختلفة عن تلك التي أعلنها رسمياً الحزب في بيانه. أصرّت على الترويج لرواية أن «ذو الفقار» استشهد في حلب قبل أيام مع أفراد من الحرس الثوري الإيراني. هذا ما أورده أيضاً مدير مكتب «الجزيرة» في بيروت مازن إبراهيم، الذي أكدّ أن حزب الله يعيش اليوم «موقفاً حرجاً جداً». وقال إن كان بدر الدين قد صفّي على يد «المعارضة السورية في معارك ريف حلب، فإن نسبة الإحراج لدى الحزب ستكون أعلى، فبعدما كان يواجه إسرائيل، أصبح اليوم «منخرطاً في المواجهة العسكرية في سوريا».
لعلّ أكثر التقارير نفوراً كان ما أوردته شاشة «العربية». تحت عنوان «من هو مصطفى بدر الدين الإرهابي المقتول في سوريا؟»، «بشّر» التقرير باغتيال بدر الدين «مقتولاً ملتحقاً بركب من سبقه من إرهابيين في العالم». وأضاف أن الشهيد «قضى ربع قرن يحارب المدنيين ضمن الأجندة الإيرانية»، وأعدّ «لاعتداءات في دول عربية كالسعودية والبحرين». وبعد «محاربة المدنيين»، جاء بدر الدين الى سوريا «ليطلق الحرب ضد المعارضة في سوريا الى جانب النظام السوري».
وبعد سرد سيرة بدر الدين الشخصية والعسكرية، ووصفه بأنه «أرفع مسؤول عسكري لحزب الله في سوريا»، أوردت "قناة bbc عربي" في تقرير على موقعها الإلكتروني في خلفية خبر الاغتيال أن في سوريا «مسلحين تابعين لحزب الله يدعمون الرئيس بشار الأسد ويقدّر أعداد هؤلاء بالآلاف».
محلياً، كان محطّ سخط لدى المتابعين العنوان الذي تصدّر الموقع الإلكتروني لـ "تيار المستقبل»، والمنقول حرفياً عن موقع «العربية»، وفيه أن «حزب الله يعلن مقتل قاتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، قبل أن يعدّل ويضع مزدوجين حول كلمة «قاتل». السياق نفسه حلّ على قناة "المستقبل" التي عنونت "مقتل المطلوب للمحكمة الدولية القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين في سوريا».
أما بقية القنوات اللبنانية، فتراوح تعاطيها مع الحدث بين برودة لافتة كمحطة lbci التي اكتفت بالقول إن المعلومات حول هذا الاغتيال «شحيحة رغم إعلان مسؤولين في الحزب توجيه أصابع الاتهام الى إسرائيل"، وبين أخرى، كـ mtv، غاصت في التحليل لتخلص الى أنّ خبر الاغتيال «متعدد الدلالات". ففي البعد الأمني، يظهر «الخرق لقيادات الحزب»، بعد عماد وجهاد مغنية وسمير القنطار، الى جانب ما سمّته «البعد القضائي» المتمثل في "جريمة العصر»، أي اغتيال رفيق الحريري، و"الحصار الاقتصادي" الذي يواجهه الحزب بعد قرارات الخزانة الأميركية.