في الطريق إلى الجرد الكسرواني، لا بدّ من المرور بعشقوت. هناك تشكّلت لائحة توافقيّة بين العائلات والأحزاب برعاية رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد. إلّا أن المعركة خيضت، ولو كانت محسومة النتائج، بترشح 7 منفردين، اثنان منهم لم يحضرا لانتخاب نفسهما حتى، فيما يتوقّع أن يحقّق أنطوان الشدياق رقماً لافتاً بينهم من دون أن يتمكّن من الخرق. أول المقترعين كان القاضي فهد الذي صوّت للائحة التي رعى ولادتها، وتوجّه للمشاركة في يوم "رياضة روحيّة" خارج البلدة. فيما حسم المعركة، دفع اللائحة التوافقيّة إلى دعوة أبناء البلدة الذين تخطّت نسبة المقترعين منهم 70% إلى حفلة "مشاوي".في ضيع الجرد الأربع الكبرى (حراجل، كفردبيان، فاريا، ميروبا) لم تنعكس الحماوة السياسيّة في جونية على المعارك الانتخابيّة. هناك طغت العائليّة. أقفلت مكاتب الأحزاب أبوابها، واصطف محازبوها خلف عائلاتهم، وارتدوا قبعات ألوانها بعيدة عن ألوان تنظيماتهم.
في ميروبا التي ينتخب فيها نحو 1900 ناخب، خلت البلدة من أي حركة باستثناء الزحمة المحيطة بمركز الاقتراع في وسطها، حيث تنافست لائحتان: "وحدة ميروبا" التي يرأسها منسّق التيار الوطني الحرّ الياس سعادة، ولكن بصفته العائليّة، وانضمّ إليها المنسق السابق عبده خليل، إضافة إلى أعضاء من كافة العائلات التي ينتمي أعضاؤها إلى الأحزاب كافة وأغلبهم من "التيار العوني". وواجهتها لائحة "نبض ميروبا" غير المكتملة برئاسة أديب خليل وأغلب أعضائها من الكتائب اللبنانيّة. نائب البلدة يوسف خليل، لم يمارس حقّه في الاقتراع كي لا تأخذ المعركة أي طابع سياسي، وفضّل البقاء على الحياد.
لم يدلِ النائب يوسف خليل بصوته في بلدته، لكي يبقى "على الحياد"

في جارتها حراجل، اشتدّت المعركة أكثر، فهناك تتنافس ثلاث لوائح: "الإنماء والانتماء" التي يطغى عليها العنصر الشبابي، ويرأسها جان زغيب وديب زغيب مناصفة، علماً أن الأوّل ينتمي إلى قدامى "الأحرار"، وهو من المقرّبين من العميد المتقاعد شامل روكز، والثاني ينتمي إلى القوات اللبنانيّة. "الشراكة" يرأسها مناصفة بولس خليل ورياض زغيب (ابن رئيس البلديّة الأسبق، أنطون زغيب الذي تربّع على عرش البلديّة لأربعين عاماً) وهما من المحسوبين على النائب السابق فريد الخازن. أمّا اللائحة الثالثّة فهي "صوت حراجل" غير المكتملة الأعضاء، ويرأسها رئيس البلديّة الحالي طوني زغيب المنتمي إلى القوّات اللبنانيّة. في القلم الأكبر في الجرد، الذي يعدّ نحو 4800 ناخب، اقترع منهم أكثر من 70%، كان "التشطيب" سيّد الموقف، خصوصاً أن العائلات انقسمت بين اللوائح الثلاث.
لم تكن المعركة أقل حماوة في فاريا، فطرقات البلدة المحفّرة والنفايات المترامية على أطرافها وصولاً إلى مركز الاقتراع لم تمنع الناخبين من التوجّه إليه للإدلاء بأصواتها للائحتين، حتى لامست نسبة التصويت 80 في المئة. "فاريا الغد" برئاسة ميشال سلامة المحسوب على النائب السابق فارس بويز، ومعه أعضاء محسوبون على القوات اللبنانيّة وفريد هيكل الخازن ومنصور البون، في مواجهة "فاريا بتجمعنا" التي يرأسها مناصفة فوزي وفريد بطيش، الأوّل ينتمي إلى التيار والثاني إلى القوات، دون أن تأخذ المعركة أي دعم حزبي، وأبقيت حريّة التصويت لكلّ المقترعين، ودعمها رئيس البلديّة الحالي نضال خليل المقرّب من آل افرام.
كفردبيان كانت المميّزة بين ضيع الجرد، هناك حركة سيّارات الأجرة كانت الأنشط لنقل الناخبين من خارج البلدة، وطغى عليها بعض من الحديث الإنمائي البعيد عن العائليّة، بعدما وصلتها "بوسطة" الوزير السابق شربل نحّاس، مع المرشّحة على لائحة "كفردبيان عيلتنا" الناشطة الاجتماعيّة جوزفين زغيب، العضو الحالي في البلديّة والتي في جعبتها مشاريع لتطوير السياحة في البلدة، والحفاظ على البيئة التي شوّهتها المجمّعات السكنيّة وفلل وقصور فقرا. في البلدة الموصوفة بقلعة "التيار الوطني الحرّ" انقسمت الأحزاب على بعضها وبقيت حريّة التصويت لكلّ الملتزمين لتأخذ المعركة طابعاً عائلياً، بين ثلاث لوائح غير مكتملة؛ "التجدّد والإنماء" برئاسة جاك عقيقي، وتضمّ وجوهاً شبابيّة جديدة، ونالت تعاطف عائلات سلامة وبعينو ومهنا. "كفردبيان بلدتي" برئاسة أنطوان زغيب نائب الرئيس الحالي والمدعوم من جان عقيقي (رئيس البلديّة الأسبق) ومن جوزف عقيقي (أكبر المتموّلين في البلدة). أمّا "كفردبيان عائلتنا" فيرأسها بسام سلامة وحبيب زغيب مناصفة، تطغى عليها صبغة كتائبيّة لكون سلامة مقرّباً منها، ونائب الرئيس المفترض وهيب عقيقي هو رئيس القسم في البلدة. اللافت في معركة كفردبيان تناقل كلام عن رشى للناخبين، وتهديد بعض المرشّحين للانسحاب من لائحتهم، ما جعل المعركة محتدمة يطغى عليها "التشطيب"، مع وصول نسبة الاقتراع إلى أكثر من 50%.