«هذه الانتخابات إنمائية محلية، وكل مدينة وبلدة أدرى بشؤونها من الأحزاب التي ليس لها أن تفرض على أهل المناطق ما هو أفضل لهم... قاربنا الانتخابات بعيداً عن الاصطفافات السياسية وأعطينا الحرية لشبابنا لاختيار الأفضل». هكذا حسم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، عقب إدلائه بصوته في الانتخابات البلدية أول من أمس، موقف حزبه من العملية الانتخابية في محافظة جبل لبنان، نافضاً يديه من أي تدخل «كتائبي» في القوائم الانتخابية. باستثناء معركة بلدية سنّ الفيل حيث «شُنّت ضدنا معركة سياسية وهذه المنطقة نعتبرها عريننا»، عزف الكتائب على نغمة أنه يفصل العمل السياسي عن العمل البلدي، على العكس من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. أما في سن الفيل فـ«كانت معركة ضروس. من الطبيعي أن نشد العصب الحزبي»، استناداً إلى أحد الكتائبيين. إلا أن عملية فرز الأصوات ونشرها عبر الموقع الحزبي للكتائب أظهرت نوعاً من التناقض في الموقف. فبحسب الماكينة الانتخابية للحزب، تقريباً، لم تسلم بلدة في جبل لبنان من فوز رئيس بلدية، نائب رئيس، عضو بلدي أو مختار كتائبي. كأنّ «التسونامي» هذه المرّة أتى من الصيفي! حتى أنّ «الحزب» سجّل المجالس البلدية الفائزة والتي شارك في دعمها في خانة إنجازاته، كجبيل وسن الفيل مثلاً، غافلاً عن أنه ما كان ليُحقق هذه النتيجة لولا التحالف مع النائب ميشال المر في المتن، أو التيار الوطني الحر في جونية أو لعبه دور «بيضة القبان» في عددٍ من بلديات جبيل. وتجاهل الحزب أنه في غالبية البلدات التي سجّل فوزه فيها، لم يكن يعلن معركة سياسية، مكتفياً بـ"البرامج الإنمائية".
حنكش: في سنّ الفيل كان انتصار كتائبي في وجه ثنائية القوات ــ التيار

يُبرر المسؤول الكتائبي بأنّ «ماكينتنا الإعلامية هي حزبية وليست تابعة لماكينة وزارة الداخلية. ومن الطبيعي أن تُبرز الوجود الكتائبي. رغم ذلك، في عدد من البلديات تمنّى علينا الرؤساء أو الأعضاء الفائزون عدم إبراز هويتهم الحزبية لأنهم خاضوا المعركة من منطلق إنمائي ــ عائلي بحت، فاحترمنا رغبتهم».
عضو المكتب السياسي الكتائبي إلياس حنكش، يُفرّق بين «المعارك السياسية في المدن الكبرى والتنافس الإنمائي في البلدات الصغيرة، حيث ضمّت اللوائح المتنافسة أعضاءً من الحزب نفسه». ويوضح أنّهم تركوا «الخيار للأهالي حتى يختاروا من يرونه مناسباً. حين يصطفون صفاً واحداً كنا ندعم، وحين ينقسمون لا نتدخل». لا يعتبر حنكش وجود تعارض بين كلام الجميّل يوم الأحد ومشاركة الكتائب في الانتخابات عبر دعم مرشحين حزبيين وتبنيهم. يقول لـ«الأخبار» إنه بعد الفرز «رغم ربح أعضاء حزبيين، لا نقسم البلديات بين كتائبية وغير كتائبية»، مع اعترافه بأنّ انتخابات جبل لبنان «أثبتت أنّ الكتائب هو الرابح الأقوى وأن لقاء معراب لم يُحقق النتيجة المتوقعة منه، خاصة في المتن وكسروان. حتى في سنّ الفيل، كان انتصار كتائبي في وجه ثنائية القوات - التيار»، رغم أن نحو نصف أعضاء لائحة رئيس البلدية الكتائبي كانوا عونيين. يُستفز حنكش من فرضية عدم تمكن الكتائب من الفوز لولا التحالفات التي عقدها: «أصلاً من يقدر على الربح وحده؟ جزء من الانتصار هو أن يُدرك الشخص كيفية اختيار تحالفاته».
حزب الكتائب «المطمئن إلى الحصار الذي أطبقته الانتخابات البلدية على تحالف معراب وسقوط نظرية الـ 86% بدليل تنصل سمير جعجع منها»، استناداً إلى أحد مسؤوليه الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، ذهب بنفسه إلى التحالف مع العونيين في بعض القرى ومع القوات اللبنانية في مناطق أخرى وفي أحيان كثيرة تفيّأ تحت مظلة الزعامات التقليدية. لا يُنكر المسؤول الحزبي ذلك، «لأننا منذ الأساس أردنا إيصال مجالس بلدية مُتجانسة. رفاقنا انتماؤهم كتائبي صحيح، ولكن نجاحهم في العمل الإنمائي سيكون هو الانتصار السياسي». على العكس من بقية الأحزاب السياسية «التي لعبت في غير ملعبها حين عقدت تحالفات سياسية وظنت أن بمقدورها استثمار هذه التحالفات في الخيارات الوطنية. عضو مجلس بلدي لن يعيد حزب الله من سوريا ولن ينتخب رئيس جمهورية ولن يُحقق الحياد للبنان». يُصرّ المسؤول على أن الانتخابات لم تكن سياسية إلا في سن الفيل، «وهذا الخيار أربحنا على مستويين: اتساع رقعة انتشار الكتائب وتأكيد أنّ ثنائية معراب تعيش صراعاً. نحن الـ 86%».