إن كان من المرجّح أنّ معظم اللوائح التوافقية بين أمل وحزب الله في بنت جبيل ومرجعيون ستحقق فوزاً كاسحاً على المرشحين المنافسين لها، فإنه يبدو أن المعركة الانتخابية لها طعم مختلف في بعض البلدات الحدودية، ولا سيما في بلدة حولا التي سيُعلَن فيها تأليف لائحتين، واحدة مدعومة من حزب الله وحركة أمل، والثانية من الحزب الشيوعي تحت عنوان "اللقاء الديموقراطي". ويرجّح بعض أبناء البلدة أن "شيوعييها تنفّسوا الصعداء، بعد فوز ثلاثة منهم بعضوية المجلس المركزي للحزب الشيوعي، إضافة إلى أن أحدهم أصبح في هيئة الرئاسة. ويُقال في حولا إن الأمين العام حنا غريب سيأتي لإعلان لائحة الحزب". ويبدو أن المحاولات المتعددة للأطراف الثلاثة للتوصل إلى توافق، لم تُفضِ إلى نتيجة مرضية، بعد أن طرح حزب الله وأمل "تقاسم المقاعد البلدية، مثالثة بين الأحزاب الثلاثة، على أن يجري تقاسم الرئاسة بين أمل وحزب الله ويترك موقع نائب الرئيس للحزب الشيوعي مع تفويض صلاحيات أساسية إليه"، وهذا ما رفضه الشيوعيون الذين طرحوا تقاسم رئاسة البلدية بين الأحزاب الثلاثة، سنتين لكل حزب، وهذا ما رُفض أيضاً. المعركة اعتبرها مصدر قريب من حزب الله "معركة متكافئة، لكن ما يعنينا هو التزام ما اتُّفق عليه مع حركة أمل، لأن هذا الاتفاق يجب أن نلتزمه بالكامل، وإذا شُطِّب ممثلو الحركة سننسحب من المجلس البلدي"، لافتاً إلى أن "تقاسم الرئاسة لمدة سنتين سيكون على حساب العمل التنموي والخدماتي، إضافة إلى أن هذا التوافق لن يوصلنا إلى بلدية تزكية لوجود أكثر من 10 مرشحين مستقلين".
يُقال في حولا إن الأمين العام حنا غريب سيأتي لإعلان لائحة الحزب
بلدية حولا (مرجعيون) التي انتُخب مجلسها الأول في عام 1961 كانت "البلدية اليسارية الأولى في جنوب لبنان، بل في لبنان والمنطقة، التي عارضت سلطة (الرئيس الأسبق لمجلس النواب) كامل الأسعد، الذي حاول بشتى الوسائل منع الشيوعيين من تحقيق الفوز، فحبس عدداً منهم واستخدم القوى الأمنية لافتعال شتى أشكال التهديد والوعيد، لكن الناخبين توجهوا صباحاً دفعة واحدة وصوتوا للائحتهم، التي حققت فوزاً كاسحاً، واستطاعت البلدية في ما بعد أن تقوم بنشاطات تنموية ناجحة". عام 2002، عمد حزب الله وأمل إلى تشكيل لائحة مشتركة واستطاعت الفوز بفارق بسيط جداً عن الأصوات التي نالتها لائحة الحزب الشيوعي، الذي خرقت لائحته بمقعد واحد. في عام 2004 وافق الحزب الشيوعي في البلدة على الدخول في لائحة مشتركة مع حزب الله وأمل، فازت بالتزكية، شرط أن يحصل الشيوعيون على الرئاسة لمدة ثلاث سنوات، لكن في عام 2010 احتدمت المعركة من جديد، ولم يستطع الحزب الشيوعي الفوز إلا بمقعد واحد أيضاً، مع ملاحظة أن الفارق في الأصوات كان كبيراً لمصلحة حزب الله. ويبدو أن المعركة هذه المرّة لا مفرّ منها. 52 مرشحاً للمجلس البلدي قدموا ترشيحاتهم في البلدة، بينهم عدد من المرشحين المنفردين، الذين قرروا خوض اللائحة بشكل مستقل عن اللائحتين المتنافستين. يرى أحد الشيوعيين أن "حزب الله وأمل يريدان احتكار العمل البلدي، لذلك قررنا خوض المعركة ونعلم بأننا نستطيع تحقيق فوز ساحق، ولا سيما إذا استطعنا التحالف مع عدد من المستقلين المعروفين بأعمالهم الخدماتية". بينما يشير مصدر قريب من حزب الله إلى أن "تجربة التوافق مع حركة أمل كانت ناجحة ولم تكن كذلك مع الحزب الشيوعي عام 2004 ولا مشكلة لدينا إن خسرنا المعركة، وإن كنا نضمن الفوز بها بفارق معقول".
أما في بلدة الطيبة (مرجعيون)، فتشكّلت لائحة من المستقلين والشيوعيين لمنافسة حزب الله وأمل. وهذه المنافسة ليست الأولى في البلدة. فقد سبق أن واجه المستقلون لائحة أمل وحزب الله عام 2002 واستطاعوا خرقها بمقعد واحد للتربوي محمد حبيش، وفي عام 2004 خُرقَت بمقعدين، ففاز الطبيبان اليساريان أحمد مرمر ومشهور نحلة. وفي 2010 استطاع الطبيبان المذكوران مع محمد حبيش خرق اللائحة مجدداً بثلاثة مقاعد، وبأصوات مرتفعة نسبياً. ويرى محمد حبيش أن "سبب الفوز يعود إلى طبيعة أبناء الطيبة الذين يقدرون المخلصين للبلدة، حتى أن مناصرين لحزب الله وأمل صوتوا لمصلحتنا، لكوننا من القوى التي قاومت الاحتلال. لذلك نحن، وإن لم نستطع القيام بأي تغيير حقيقي، فإننا نعبّر بترشحنا عن وجودنا ونرفض أن يغيبنا أحد". في المقابل، يشير مصدر قريب من حزب الله إلى أن "الحزب يحاول تشكيل لائحة تضم الطرف الآخر لتجنب أي معركة، ولا سيما أن الطبيبين مرمر ونحلة يحظيان بشعبية واسعة في البلدة، وهما كانا ولا يزالان يأخذان من أصوات الحزب مع معركة ودونها، لكن ذلك سيصيب حصة حركة أمل التي ترفض هذا التوافق لأنه سيكون على حسابها أيضاً". واللافت أن انتخابات بلدية عيترون التي كانت تشهد تنافساً حاداً بين الشيوعيين وحزب الله وأمل، جرى التوافق فيها على لائحة مشتركة تضم الأحزاب الثلاثة وبرئاسة سليم مراد، الذي "حظي بتأييد لافت من الأحزاب الثلاثة"، وبعد أن بلغ عدد المرشحين للمجلس 24 مرشحاً، عملت الأحزاب الثلاثة على سحب جميع المرشحين غير المشمولين بالاتفاق باستثناء مرشح واحد من تنظيم حركة أمل، لذلك فإن "اللائحة المشتركة في عيترون قاب قوسين أو أدنى من الفوز بالتزكية إذا استطاعت حركة أمل سحب أحد مرشحيها"، وخاصة بعدما قدّم حزب الله عدداً من التنازلات لتحقيق التوافق.