أكثر من سبب يجعل استحقاق الإنتخابات البلدية في بلدة سير، المركز الإداري للضنية والمركز الصيفي لقائمقامية قضاء المنية ــــ الضنية، محل إهتمام ومتابعة، نظراً لما تمثله من أهمية على الصعيد السياسي تتجاوز كونها إنتخابات تتمترس خلفها عائلات البلدة فحسب، كما هو شأن الإنتخابات البلدية في أغلب مناطق الريف والأطراف.

ويعود ذلك إلى ما أدت إليه انتخابات 2010، عندما اكتسحت لائحة رئيس البلدية الحالي أحمد علم اللائحة التي كان يدعمها النائب أحمد فتفت، ما أحدث دوياً لا تزال أصداؤه تتردد حتى الآن في أرجاء الضنية.

على مضض تقبّل فتفت النتائج التي عرّته في بلدته، وأمام قيادة تيار المستقبل التي أصيبت بخيبة أمل نتيجة عدم قدرة من تعدّه أحد صقورها على إثبات وجوده في مسقط رأسه.

وزاد من قلق فتفت لاحقاً تمكن علم من تحقيق إنجازات ومشاريع في بلدته، أعادت إلى البلدة بعضاً من ألقها كمركز إصطياف رئيسي، وجعل غالبية أهاليها يردّدون كلاماً وصل إلى آذان فتفت يفيد بأن علم قدّم لسير في ستّ سنوات أكثر مما قدمه فتفت طيلة 20 عاماً.



تصل إلى

مسامع فتفت تعليقات الأهالي عن إنجازات علم



على هذا الأساس يرى فتفت في إنتخابات الأحد المقبل ردّ اعتبار له في المقام الأول. ورغم أنه ردّد مراراً أنه لن يتدخل في انتخابات بلدته إلتزاماً منه بقرار القيادة الزرقاء عدم التدخل في الإنتخابات البلدية إلا في المدن الكبرى، فإن هذا الكلام تدحضه وقائع كثيرة، منها أن أبرز مرافقيه ومساعديه لا يغادرون مبنى قائمقامية القضاء، بهدف معرفة كل شاردة وواردة تتعلق بالانتخابات، وضغطه بقوة على مرشحين للإنتخابات البلدية والإختيارية حاولوا التقرّب من رئيس البلدية. وتوّج فتفت تدخّله بتوليه أمس إعلان اللائحة التي يدعمها، والتي يرأسها عارف درباس، منافس علم.

وما يزيد من قلق فتفت أن بعض أبناء عائلته والمقربين منه إنتقلوا إلى صف علم، أو على الأقل وقفوا على الحياد ولم يتحمّسوا لمواجهة رئيس البلدية الذي أثبت حضوره وإستقطب عائلات كثيرة إلى جانبه، ما جعل الإنتخابات تتخذ طابعاً عائلياً وخدماتياً واضحاً، من غير إسقاط الطابع السياسي من الحسبان.

ولكن، برغم ذلك، تدخل بعض فاعليات البلدة للتوصل إلى توافق وتجنيب سير إنتخابات تنافسية، وطرحوا أفكاراً عدّة لتأليف لائحة توافقية. وقد بارك الرئيس نجيب ميقاتي (علم مقرب منه) هذه المساعي، ولكن عندما تعذر ذلك بفعل شروط متبادلة رفضها الطرفان، انسحب ميقاتي من الوساطة تاركاً الطرفين يحتكمان إلى صناديق الإقتراع. وعليه، أعلن علم لائحته كاملة وهي مكوّنة من 15 مرشحاً من بينهم مرشحان مسيحيان سيكون أحدهما وفق العرف نائباً للرئيس، في مقابل لائحة فتفت التي يرأسها عارف درباس.

واللافت أن عائلة درباس لم تكن يوماً متحالفة سياسياً مع آل فتفت، لا نيابياً ولا بلدياً، بل كانت دوماً مقربة من آغاوات آل رعد منافسي آل فتفت. وهذه المرة الأولى التي تتحالف فيها العائلتان، علماً أن اللائحتين المتنافستين تضمّان مرشحين من العائلتين، كما من باقي عائلات سير، ما سيجعل توقع النتائج صعباً. وهي نتائج إما ستعيد إلى فتفت بعض ماء وجهه الذي فقده قبل ست سنوات، أو تكرّس سقوطه في عقر داره.