الانتخابات البلدية والاختيارية في طرابلس جاءت بنتائج كسرت شوكة "الزعامات"، وخلطت أوراقهم، وجعلتهم يراجعون كل ما قاموا به وقدموه خلال الفترة السابقة من خطوات ومشاريع خدماتية لم تثمر لهم شيئاً في تلك الانتخابات. اتحدوا وتكاتفوا في لائحة وصرفوا لها الأموال، وحشدوا مناصريهم. في مقابلهم، حصد الوزير المستقيل أشرف ريفي مجلساً بلدياً بستة عشر عضواً من لائحته، في مقابل ثمانية أعضاء من لائحة "لِطرابلس" المدعومة من كل القوى الأخرى (ميقاتي، الحريري، الصفدي، كرامي، كبارة، الجماعة الإسلامية والأحباش...) وتم انتخاب مرشحه أحمد قمر الدين رئيساً لبلدية طرابلس.
لم يبقَ للعلويين منصب رسمي إلا فقدوه: حتى نائباهم مفروضان عليهم
وأمام هذا المدّ، خسرت الطائفة العلوية مقعدين لها في المجلس البلدي، والطائفة المسيحية مقعداً واحداً وذلك لأسباب عدة. لكن العامل الرئيسي كان ضعف الإقبال على التصويت من قبل أبناء الطائفتين.
عدد الناخبين المسلمين العلويين بلغ 19183 ناخباً، اقترع منهم 3970 (نحو 20.70 في المئة)، فيما عدد الناخبين الأرثوذكس يبلغ 6137، اقترع منهم 686 (11.1 في المئة)، بحسب نتائج وزارة الداخلية.
هذا في البلدي. أما في الاختياري فكانت الطائفة العلوية هي الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات الطرابلسية. خسرت ثلاثة مقاعد اختيارية عن التبانة، ومقعداً عن محلة القبة للمرة الثانية. كذلك خسرت الطائفة المسيحية أيضاً هذه الدورة مقعد المختار في القبة. المختار علي عجايا، الملقب بـ"علي الثورة" هو الفائز الوحيد عن الطائفة العلوية بمقعد مختار. يمكن القول إنه أصبح الآن مأمور نفوس علويي طرابلس، لاعتباره المختار الوحيد في جبل محسن، إليه سيلجأ الناس لتسيير أمور أحوالهم الشخصية ومعاملاتهم التي يحتاج معظمها إلى تعريفه وختمه. ورغم وجود 11 مختاراً عن منطقة التبانة، فإن الحواجز النفسية والانقسامات الطائفية تجعل الكثيرين من أبناء الجبل يحجمون عن التوجه إليهم إلا عند الضرورة القصوى.
علي "الثورة" مختار للمرة الثالثة. في المرة الأولى التى ترشح فيها، أثار جدلاً واستغراباً، إذ ترشح بصورته وباسم زوجته. اعتبره البعض متعصّباً ومتزمّتاً كونه لا يسمح بعرض صور زوجته. والحقيقة أنه عند الترشح لم يكن يحق له خوض هذا الاستحقاق، باعتباره سوري الجنسية وزوجته لبنانية. نال الجنسية بعد شهرين من انتخاب زوجته بصورته عن محلة التبانة. لقب "الثورة" يعرفه الناس به لكثرة مشاركته في التظاهرات التي كان يتقدمها ويُحمل على الأكتاف للهتاف وترديد الشعارات.
بدايةً، كانت مشاركته في حركة خليل عكاوي (أبو عربي) في السبعينيات. وكان من أول المشاركين معه في تلك الحركة الشعبية انذاك، والتي بدأت ماركسية وانتهت بتشكيل حركة التوحيد الإسلامية في ما بعد. ومن ثم لحق بالحركة الناصرية، وبعدها الاشتراكية، والتحق بالحزب العربي الديموقراطي لفترة، ومن ثم غادره ليغرّد في مكان آخر. ومع تقدم العمر وبرودة الطفرة الثورية التي كانت تدفع به هائماً على أكتاف المتظاهرين، صار مختارأ عن محلة التبانة.
لم يبقَ للعلويين منصب رسمي إلا فقدوه. من منصب السفير، إلى نائبين مفروضَين على الطائفة. أضِف إلى ذلك مجلس إسلامي فقد شرعيته القانونية منذ سنوات، فمُدِّدَت ولايته بمرسوم من حكومة الميقاتي، "لدواعي ظروف البلاد الاستثنائية". لكنه لا يزال يمارس صلاحيته وفقاً لذلك المرسوم، رغم انتفاء تلك الظروف! خلاصة القول إن حصة الطائفة العلوية من الدولة تقتصر على مدير عام ومحافظ، والمختار علي "الثورة".