لكل عهد رئاسي رجالاته. كان ينتظر "رجالات عهد" الوزير فرنجية، لو انتخب رئيساً، الأشخاص الستة أو السبعة المحيطين به منذ عدة سنوات. وقد بدأ بعض هؤلاء التصرف منذ عام مع أقربائهم وأصدقائهم باعتبارهم "في القصر". أما مفاتيح العهد الجديد، فسيتقدمهم من دون شك أعضاء "لقاء السبت". هذا اللقاء يتألف من سبع شخصيات، خاض كل منهم تجربته السياسية الخاصة بعيداً عن التيار الوطني الحر، وهم واظبوا على لقاء رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون كل يوم سبت منذ أكثر من عامين. ومن أبرز من يضمهم اللقاء: المستشار الإعلامي للعماد عون الزميل جان عزيز، نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، السفير عبدالله بوحبيب، الوزير السابق سليم جريصاتي ورئيس الرابطة السريانية حبيب افرام ورئيس حزب الكتائب السابق كريم بقرادوني والعميد المتقاعد شامل روكز. ولعل اللقاء كان مجرد حلقة نقاشية أسبوعية يتبادل فيها أمناء سر العماد عون الأفكار بحرية معه، أو مجرد وعاء يضعون فيه خلاصاتهم في نهاية كل أسبوع، أو حتى مجرد ناد لسياسيين لا يريدون التقاعد. إلا أن الأكيد أن هذا اللقاء نجح في إبقاء معنويات الجنرال مرتفعة في أصعب الأيام، وحين كانت تقفل جميع الطرق كانوا يخترعون أنواراً في نهاية النفق. وبعيداً عن مشاكل التيار الوطني الحر الحزبية ومتاعبه بالنسبة للعماد عون، كان لقاء السبت أشبه بمهرب تناقش فيه قضايا مختلفة تهمه وعناوين لا علاقة لها البتة أحياناً بالحدث السياسي، علماً بأن وسائل الإعلام سمعت بلقاءي السبت والثلاثاء، لكن في الرابية، كان هناك لقاء الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة والسبت بحكم ميل عون إلى اللقاءات المماثلة التي تتيح له سماع وفهم جميع وجهات النظر على هامش النقاشات. وقد حسم حتى الآن انتقال أحد أعضاء لقاء السبت إلى بعبدا مع العماد عون، وهو الزميل عزيز الذي تقول مصادر اللقاء إنه سيكون منذ اللحظة الأولى إلى جانب العماد عون وابنته ميراي والوزير جبران باسيل والمسؤول الأمني سليم فغالي. وتقدر مصادر اللقاء أن تكون الخيارات أمام أعضائه متعددة خلال الاستشارات وبعدها. والبداية من عضو اللقاء العميد المتقاعد شامل روكز الذي يفترض أن يختار بين الوزارة أو الترشح على مقعد عمه النيابي في كسروان، في ظل كلام كثير لم يتأكد نهائياً بعد عن عدم توزير باسيل مجدداً ليتسنى له الاهتمام بشؤون القصر الجمهوري الكثيرة جداً ومتابعة التنظيم الحزبي، إضافة إلى انتفاء الحاجة إلى باسيل على طاولة مجلس الوزراء، ما دام الجنرال يترأس الجلسات. أما الفرزلي، فترجح مصادر اللقاء أن يخير بين أن يستعيد موقعه كنائب لرئيس مجلس النواب بعيد الانتخابات النيابية المقبلة أو أن يكون نائباً لرئيس مجلس الوزراء في حال كانت عودة دولة الرئيس عصام فارس لتهنئة الجنرال فقط ولا خطة عونية لاستبقائه، وخصوصاً أنه يمثل أحد التقاطعات الودية الأساسية بين عون والحريري من جهة، والعهد وعدة منافذ إقليمية ودولية من جهة أخرى، علماً بأن علاقة باسيل بفارس قوية جداً، وهو يمكن أن يسهم في تذليل أية صعاب شمالية تواجه الحريري وعون. ولا شك أن أوان تصحيح التمثيل السرياني في مجلس الوزراء قد آن بالنسبة إلى حبيب افرام بعدما خذله صديقه الرئيس تمام سلام. بدوره، يبدو السفير عبدالله بوحبيب بعلاقاته المتشعبة مرشحاً قوياً ليكون مستشارا دبلوماسيا في القصر الجمهوري، لكن لا أحد يعلم إن كان الجنرال يخبئ له عرضاً آخر. وكذلك الأمر بالنسبة إلى جريصاتي الذي يفترض أن يكون مستشار القصر القانونيّ الجديد، أو مشروع نائب زحليّ أو وزير في نظر عون، مع العلم بأن اللقاء سيلتقي عون السبت المقبل في بعبدا، لكن أحد أعضائه يقول بصراحة إنهم ليسوا بصدد سؤاله عما ينوي فعله معهم. وغالبيتهم ليسوا "زاهدين"، فهم يتعاطون العمل السياسي منذ نشأتهم وهدف بعضهم في الحياة تقلد مواقع سياسية، لكنهم يعتبرون أنهم تجندوا لقضية كبيرة وهم شركاء في صناعة هذا الانتصار. أما الأهم من كل ما سبق، فهو ثقة لقاء السبت بأن جميع جلساتهم مع الجنرال تجعلهم واثقين من عدم إقدامه على أي تنازلات واستحالة إنهائه لعهده دون إقرار قانون انتخابي مختلف، يضع قطار النسبية على الخط الصحيح.