لقد أدرك مصطفى سعد مبكراً أبعاد الخطر الصهيوني على لبنان والامة العربية، فوجد في مقاومة الاحتلال للبنان طريقاً لدرء هذا الخطر الوجودي، كما وجد في ترسيخ الوحدة الوطنية اللبنانية تحقيقاً لمنعة يسعى العدو لتفتيتها، وعلى هذا الاساس قرر العدو اغتياله اقتناعاً منه بأنه بقتله سيزيح عقبة كأداء تعترض طريق الفتنة التي خطط لها ليتركها لغماً ينفجر في صيدا ومنطقتها عند انسحابه. لكن مصطفى سعد، وهو المكتوي بجرح استشهاد ابنته ناتاشا، ومن خلف عينيه المدماتين المطفأتين، خرج شاهراً وصيته المدوية: «إياكم والفتنة»، فانتصرت الوحدة الوطنية وانهزم الاحتلال.
في ذكرى محاولة اغتيالك أبا معروف، كم نفتقد حكمتك وشجاعتك وبصيرتك الثاقبة في زمن قلّ فيه الرجال وترسخت فيه الطائفية والمذهبية وغاب أو يكاد مشروعك الوطني الذي حملته طوال حياتك حتى لحظة استشهادك.