تثير تصريحات وزير الامن الإسرائيلي افيغدور ليبرمان ومواقفه مروحة من التساؤلات حول السياسة الإسرائيلية تجاه الساحة السورية وإمكان تغيرها. تكرار ليبرمان التأكيد على نية إسرائيل مواصلة منع التعاظم العسكري لحزب الله وتزوده بالسلاح من سوريا وعبرها، تجاوز مجرد محاولة منع «سلاح نوعي او كاسر للتوازن»، ليصل الى حد التأكيد ــــ مرة تلو أخرى وفي يومين متتاليين ــــ على منع تزود الحزب بـ»أسلحة دمار شامل»، و»أسلحة كيميائية».
هل يهدف ليبرمان الى بناء «مشروعية» ما تمهد لعمل اعتدائي يتجاوز الضربات الموضعية في سوريا، ام يأتي في سياق تعزيز الردع تجاه حزب الله ودمشق بعد تلمّس إسرائيل منحى مغايراً في التعاطي الرسمي السوري مع الاعتداءات، وبعد نقل الاعلام العبري تقديرات متداولة في الجيش الإسرائيلي تؤكد بأن سياسة الردود السورية لم تعد بعيدة، نظرا للمكانة والقدرة والإرادة التي باتت لدى دمشق وحلفائها، قياسا بالماضي.
أمس، عاد ليبرمان ليكرر بأن الجهود الإسرائيلية في سوريا تستهدف منع ما قال انه تزود لحزب الله بأسلحة دمار شامل. وأوضح في مداخلة امام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست ان ما يقصده هو «أسلحة كيميائية»: فـ»إسرائيل تعمل من اجل منع حزب الله من الحصول على السلاح الكيميائي».
وأقر ليبرمان مجدداً، وإن بصورة غير مباشرة، بمسؤولية إسرائيل عن الاعتداءين الأخيرين على منطقة الصبورة (ريف دمشق الغربي) وبالقرب من مطار المزة العسكري. وفي ايحاء بأن الدولة العبرية لا تلتزم امام أي جهة بأي تفاهم يمنع عنها «حرية العمل» في سوريا، في إشارة منه الى المظلة العسكرية الروسية في سوريا، قال ان «لإسرائيل حرية التصرف وقرارها يتخذ بحرية تامة من دون أي اعتبار لأي ظرف كان او لأي تحد كان».

إسرائيل لن تسمح بتغيير ميزان القوى والغطاء الروسي للمحور الإيراني تحد صعب

الا ان ليبرمان شدد في المقابل على ان «لا نية اطلاقا» للتدخل في «الحرب الاهلية» في سوريا، وأن إسرائيل «فقط تعمل من اجل الدفاع عن نفسها». وأضاف: «سياساتنا ومواقفنا واضحة جدا، وهي مبنية على الخطوط الحمر الثلاثة: لن نسمح بأي اذى لإسرائيليين، ولن نسمح بأي اذى لسيادة إسرائيل، كما لن نسمح بتهريب الاسلحة المتطورة والاسلحة الكيميائية من سوريا الى ايدي حزب الله».
وكان لافتا في مداخلة ليبرمان ما قال انه «جيش مرتزقة» تابع لإيران في سوريا، في سياق توصيفه لتطور تهديد إيران لاسرائيل وتداعيات عقوبات الكونغرس الأميركي عليها، اذ أشار الى ان «إسرائيل تتابع جيش المرتزقة المؤلف من 5000 مقاتل والذي اسسته ايران في سوريا»، لافتا الى ان «ايران تهديد من الدرجة الأولى».
وكان وزير السياحة الإسرائيلي، يريف ليفين (الليكود)، قد شرح ما لم يرد على لسان ليبرمان، في حديث مع القناة الأولى العبرية امس، لافتا الى ان «إسرائيل لن تسمح بتغيير ميزان القوى، وأن الغطاء الروسي للمحور الإيراني، يمثل تحديا صعبا».
وقال ليفين ان سياسة إسرائيل واضحة جدا، وهي تسعى لمنع «انزلاق» سلاح كاسر للتوازن الى لبنان، وتحقيقا لذلك «تنفذ عمليات بعضها سري جدا، وبعضها اقل سرية». وأضاف أن المعادلة باتت مغايرة و»هناك مؤشرات عن وضع جديد خطير جدا من ناحية إسرائيل». لافتا الى ان «التحدي الروسي والمظلة التي يوفرها وجود روسيا العسكري لسوريا وايران وحزب الله يعدان تحديا صعبا». مع ذلك اكد ان إسرائيل حريصة الا تتصادم مع الروس، الأمر الذي يفرض عليها التصرف بحذر شديد.
وكان الاعلام العبري امس، حذر من «إنفلات» الوضع وإمكان التدهور نحو مواجهة مع سوريا وحزب الله، تعليقا على الاعتداءين الإسرائيليين، لإختلاف ميزان القوى وإرادة الرد لدى حزب الله وسوريا، عما كانا عليه في الماضي.
صحيفة «هآرتس» وصفت الاعتداءين بأنهما نوع من «السير على حبل رفيع»، في إشارة منها الى منسوب مرتفع من المغامرة اذا تكرر هذا النوع من الاعتداءات، فيما حذرت صحيفة «إسرائيل اليوم» من ان «على اسرائيل الامتناع عن الحسابات الخاطئة التي قد يتدهور في اطارها هجوم تكتيكي الى ورطة استراتيجية». ورأت القناة الأولى العبرية لزوم الحذر أيضا، اذ ان «الأسد بات واثقاً بشكل مفرط بالنفس على ضوء ما يجري في حلب».