لاعتماد الصيغة النسبية في الانتخابات النيابية المقبلة انعكاسات كبيرة، ولا سيما على مستوى السلوك الانتخابي، إذ سينتج ثقافة انتخابية جديدة. بعد إقرار قانون الانتخابات الجديد، بدأ التغيّر في سلوك الناخبين يظهر من خلال تحليل نتائج استطلاعات الرأي. فقد أصبح الناخب اليوم ملزماً بالتصويت «السياسي» من خلال اختيار لائحة واحدة تمثّل حزباً سياسياً واحداً أو تحالف قوى سياسية ما، أحزاباً ومستقلّين.

كما أصبح المرشّح ملزماً بالتحالف الانتخابي مع قوى سياسية يلتقي معها. إذ إن القانون يلزمه بالانخراط ضمن لائحة تضم أقلّه مرشّحاً عن كل دائرة صغرى و40% من مقاعد الدائرة بما لا يقل عن 3 مقاعد. فضلًا عن أن الصيغة الانتخابية التي تضمن الفوز للائحة لا تضمن الفوز لمرشّح منها. ما يعني أن المرشّح يخوض معركته الشخصية سواسية مع معركة لائحة الائتلاف السياسي التي ينتمي إليها.
مؤشّرات لافتة بيّنتها مقارنة نتائج استطلاعَي رأي في دائرة كسروان، الأول في آذار2017 حين كانت الصيغة الأكثرية ما زالت سارية المفعول، والثاني في تموز بعد اعتماد الصيغة النسبية، أبرزها اضطرار المستفتى إلى حسم خياره بانتقاء لائحة واحدة، ما وفّر تقديراً أدق لأحجام القوى السياسية.
مؤشرات هذه المقارنة عديدة وإن تميّز بعضها:
1ــ في الانتماء السياسي (الالتزام بالتصويت للائحة)
- ثبات الخيارات الحزبية

أدى اعتماد النسبية
إلى تراجع كبير لـ«المرشحين النجوم»

حافظ المستطلعون على خياراتهم الحزبية، فلم تتغير أحجام الأحزاب في الاستطلاعين المذكورين: 37.5% من خيارات المستطلعين للتيار الوطني الحر مقابل 15% للقوات اللبنانية و3.5% للكتائب اللبنانية.
تعزز هذه النتائج قوة الأحزاب كمرشحين وكناخبين أساسيين في الصيغة النسبية.
- تحسن مواقع التيارات السياسية التابعة لشخصيات مستقلة
سجلت بعض التيارات السياسية التابعة لشخصيات مستقلة تقدماً لافتاً: من 7.5% إلى 10% من خيارات المستطلعين لمنصور البون، ومن 5% إلى 10% لفريد هيكل الخازن، ومن 1.8% إلى 3% لنعمت افرام، من الصفر إلى 2.3% لزياد بارود.
2ــ في التصويت للأفراد
فرض تأثّر تصويت الحزبيين بتسمية الحزب للمرشحين مقارنة نتائج المستقلين في ما بينهم على حدة، والمحازبين ضمن أحزابهم، ما بيّن مؤشرات ثلاثة لافتة.
ــ تراجع «دراماتيكي» للشخصيات «النجوم» زياد بارود وجورج قرداحي
زياد بارود: تراجع من المرتبة الأولى إلى الخامسة ومن نسبة 58% إلى 3.6%. حلّ في المرتبة الأولى أو الثانية، بنسبة 58% عندما كان النظام الأكثري يتيح للمستفتَى تسميتَه مع مرشحين آخرين. أما في الصيغة النسبية بالصوت التفضيلي، فحلّ في المرتبة الخامسة، بنسبة 3.6%.
جورج قرداحي: تراجع إلى 0.5% من جرّاء الصيغة النسبية بالصوت التفضيلي، بعدما كان يحل في المرتبة السادسة، بنسبة 17.5%.
ــ شخصيات في طريق التحوّل على تيارات سياسية (بتحالفهما يشكلان القوة الثانية في الدائرة الصغرى والكبرى)
منصور البون: حلّ في المرتبة الأولى، رغم تراجعه الى 12.5%، من جرّاء الصيغة النسبية بالصوت التفضيلي، بعدما كان يحل في المرتبة الثالثة، بنسبة 33.5%.
فريد هيكل الخازن: حلّ في المرتبة الثانية، رغم تراجعه الى 12%، من جرّاء الصيغة النسبية بالصوت التفضيلي، بعدما كان يحل في المرتبة الخامسة، بنسبة 33.5%.
ــ شخصيات تحتاج إلى الالتحاق بتيار أو حزب سياسي
نعمت افرام: حافظ على المرتبة الرابعة رغم تراجعه إلى 4%، من جرّاء الصيغة النسبية بالصوت التفضيلي، بعدما كان ينال ما نسبته 28%.

الحزبيّون

التيار الوطني الحر: 50% من الذين اختاروا لائحة التيار الوطني الحرّ لم يصوتوا تفضيلياً لأي مرشّح، أمّا بالنسبة إلى المرشحين الأفراد فتراجع:
ــ شامل روكز من المرتبة الأولى بنسبة 60% الى المرتبة الثالثة بنسبة 10%،
ــ فريد الياس الخازن من 10% إلى 1.6%،
ــ روجيه عازار من 12.1% إلى 1.3%،
ــ أنطوان عطاالله من 7.2% إلى 0.2%.
القوات اللبنانية: 65% من الذين اختاروا لائحة القوات اللبنانية لم يصوتوا تفضيلياً لأي مرشّح، أمّا بالنسبة إلى المرشحين الأفراد فتراجع شوقي الدكاش من المرتبة السابعة بنسبة 16.5% إلى المرتبة الثامنة بنسبة 1%.
* باحث في الشؤون الانتخابية