طالما أن الأرشيف موجود، يمكن العودة الى تصريحات ومعطيات ومواقف تعود الى نهاية عام 2012، حين ظهرت اليد الإسرائيلية المباشرة في العملية المنظمة لتخريب سوريا. لسنا هنا لمحاججة أحد حول هدف اسرائيل من هذا التدخل. لكن ما نعرفه عن هذا العدو أن تركيزه منصبّ دائماً على ضرب من يشكلون الخطر على وجوده الغريب. وإذا كان البلهاء يصرون على رواية أن حكم البعث في سوريا لم يقاتل اسرائيل، أو أبقى جبهة الجولان مغلقة، فإن اسرائيل نفسها تعرف جيداً دور سوريا في دعم المقاومة الحقيقية في لبنان وفلسطين. وهي تعرف، أكثر، أن سوريا تقدمت خطوات كبيرة الى الأمام بعد حرب لبنان الثانية، ومضت نحو مستوى جديد ونوعي من الشراكة مع قوى المقاومة، ولا سيما مع حزب الله في لبنان.
ربما لم تكن إسرائيل يوماً بحاجة الى من يعلمها كيفية التصرف. وكل الأدوار التي تقوم بها السعودية أو قطر أو تركيا، وحتى الأردن، تبقى تكميلية أمام الدور الإسرائيلي الهائل الذي يمكنه تحقيق أوسع عملية تخريب لبنية الدولة السورية وجيشها، دون أي اهتمام بمستقبل هذا الشعب.
ولأن إسرائيل علّمتنا أنها لا تقف عند هوية العميل ولا جنسيته ولا طائفته ولا مذهبه ولا عقيدته، لم يكن مفاجئاً أن تعدّ لنفسها الخطط لبناء أوسع قاعدة علاقات في سوريا، ولتطلق أوسع عملية تجنيد في محاولة التعويض عن فقر في المصادر البشرية واجهته لعقود طويلة في هذا البلد.
اليوم، تقود إسرائيل غرفة عمليات متنوعة ومتعددة الأهداف. تنشط في كل منطقة يمكنها الوصول إليها. وهي ليست موجودة في الجنوب السوري فقط، بل في كل غرف العمليات التي تدير المجموعات المسلحة، سواء تلك القائمة في الأردن أو تركيا، أو الغرف المغلقة في أوروبا وأميركا.