عكست زيارة رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، لمحافظة عكار، والتي أرادها زيارة في الدرجة الأولى للبلدات الاسلامية، حجم الضياع والتململ في أوساط تيار المستقبل الذي بقي عاجزاً عن أخذ موقف من الزيارة، ولم يحسم أمره بالمقاطعة إلا بعد منتصف ليل الخميس ــ الجمعة.
وجاء قرار المقاطعة بعد أن رفع وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي سقف مواقفه، حيث اختصر موقفه من الزيارة بجملة واحدة فقال: «من يتصرف تجاه بلده بشكل لا وطني، ومن يحرم منطقتي ويتعاطى مع أهلي بشكل طائفي، لا يمكنني أن أتعاطى معه بشكل تسامحي».
كلام المرعبي تعارض مع تصريحات منسّق عام تيار المستقبل في عكار خالد طه، وعضو المكتب السياسي سامر حدارة الذي أكد «أن لا مقاطعة، وأن العلاقة مع «التيار الوطني الحر» مستمرة، وثمة حرص مشترك على تمتينها وتوطيدها، بما يخدم مصلحة عكار وأهلها على كافة الصعد، ولا سيما الإنمائية منها». وأوضح أن «موقف «تيار المستقبل» لا يلزم أحداً. ومن جهتنا سنشارك في حفل تدشين بحيرة الكواشرة، وفِي العشاء الذي يلي الحفل. أما بالنسبة إلى البلديات التي ستشارك أو ستقاطع، فلكل منها رأيها وحساباتها الخاصة في القيام بما تراه مناسباً».
وأكد حدارة «أن العلاقة مع «التيار الوطني الحر» ليست علاقة طارئة، ولن تكون كذلك، وأي تباين قد يطرأ يُعالج ضمن القنوات المعروفة، وتحت سقف الحكومة والتوازنات التي أرستها التسوية السياسية التي توافقنا وإياهم فيها على تحييد مصالح البلاد والعباد عن القضايا الخلافية».
ما أكده حدارة ليلاً تغيّر تلقائياً مع ساعات الصباح، تزامناً مع جولة باسيل، حيث لم يتم إعطاء تعليمات واضحة بالمقاطعة كما لم يتم إعطاء تعليمات بالمشاركة.
تنامي الاعتراضات على المشاركة في استقبال باسيل وصل الى مسامع أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري عقب البلبلة في أوساط البلديات المحسوية على «التيار الأزرق» جراء غموض الموقف من الزيارة، وتحديداً عقب الأجواء السياسية المتوترة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل على خلفية لقاء باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم في نيويورك.
وتجلى التململ عقب الأخذ والرد في عدد من بلديات عكار المحسوبة على تيار المستقبل حيال زيارته مناطق معينة ومحاولة تأجيل الزيارة لبلديات أخرى، الأمر الذي دفع اتحاد بلديات وادي خالد الى إصدار بيان قبل الزيارة يؤكد فيه الرغبة في تأجيل الزيارة، «بناءً على ضيق الوقت لكثرة الزيارات في محافظة عكار، ولأن وادي خالد ذات خصوصية بالحرمان وطامعة بأن يكون لقاء مع الوزير باسيل لوقت أطول للاطلاع على جميع القرى في وادي خالد وتكريمه بغداء كونها من عاداتنا».

مصادر المستقبل: تصريحات باسيل العكارية هجوم علينا!


وأكد عدد من رؤساء البلديات أن حالة التململ نتيجة طبيعية، خصوصاً عقب تصريحات وزراء تيار المستقبل وانتقاد لقاء نيويورك، لافتين الى أن الزيارة اليوم تصنّف في خانة السياسة في الدرجة الأولى، والمواقف السياسية متشنّجة في هذه الفترة، مؤكدين «ضرورة أن يتخذ تيار المستقبل موقفاً واضحاً من تصرفات وزير الخارجية، لأن صرف النظر عن لقاء «وزير خارجية النظام السوري» سيفتح الباب أمام خطوات أخرى تجاه الرئيس السوري بشار الاسد. فهل يمكن أن يتحمل الشارع الأزرق مثل هذه الانعطافات على أبواب الانتخابات؟ وبماذا سيبرر للقاعدة الشعبية التي تعاني أصلاً من الضياع بسبب المواقف المتناقضة وسياسة التساهل؟».
ويؤكد عدد من مناصري «التيار الأزرق» المنتقدين للزيارة العكارية أن «وضع لقاء باسيل ــ المعلم في إطار ضيّق يتعلق بملف النازحين فقط، لا يمكن الاقتناع به، لأن ملف النازحين يعني الحكومة ككل، ورئيس الحكومة سبق أن شارك في مؤتمرات دولية حول هذا الملف الشائك، كما أن الملفات العالقة ليست بنت ساعتها، والحكومة مجتمعة هي التي تعالجها لا أحد الأفرقاء».
وكان الوزير باسيل قد جال في بلدات: ببنين، عكار العتيقة، الكواشرة (افتتاح بحيرة الكواشرة)، تلعباس شرقي، وادي خالد، الجديدة (افتتاح هيئة التيار)، ودار مطرانية عكار للروم الأرثوذكس حيث أقيم حفل عشاء على شرف الوزير والوفد المرافق، وذلك وسط غياب تام لنواب كتلة المستقبل وفاعليات التيار. وشارك النائبان السابقان طلال المرعبي ووجيه البعريني في لقاء المطرانية، إضافة الى فاعليات عكار الدينية من مختلف الطوائف، يتقدمهم ممثل مفتي عكار زيد زكريا، رئيس دائرة الأوقاف الاسلامية مالك جديدة، نائب رئيس المجلس الاسلامي العلوي حسن حامد، الشيخ ماهر عبد الرزاق، مطران عكار وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران باسيليوس منصور.
وقد أكد باسيل خلال غداء جمعه بكوادر التيار في مطعم المرغان في القبيات، أن مقاطعة المستقبل لزيارته لا تزعجه على الإطلاق، «لأننا تيار وطني ونتمكن من دخول مختلف المناطق من دون مشاركة أحد». وقالت مصادر في قيادة تيار المستقبل في بيروت لـ«الأخبار» إن مقاطعة المستقبل لزيارة باسيل «تعبّر عن مزاج الجمهور، نتيجة أداء وزير الخارجية، وخاصة لجهة إصراره على تطبيع العلاقة مع النظام السوري». ورأت في تصريحات باسيل العكارية هجوماً على تيار المستقبل! وقالت المصادر نفسها لـ«الأخبار» إن باسيل طلب من مسؤولي تياره في عكار الإعداد للانتخابات النيابية المقبلة على قاعدة أن التحالف مع «المستقبل» ليس محسوماً. إلا أن مصادر التيار الوطني الحر نفت ذلك.
الكلمات التي ألقاها باسيل في مختلف المحطات ضمّنها رسائل سياسية في أكثر من اتجاه، فانتقد عرقلة بعض الأفرقاء للمشاريع الإنمائية من توليد الطاقة، والمياه والكهرباء.
وأكد باسيل «أن الدولة قادرة على رفع الحرمان عن عكار، والحرمان مستشر بسبب الفساد المتغلغل، وهم لا يسمحون لنا بأن نأتي بالمشاريع التي نريدها»، مشدداً على «أنهم لو سمحوا لنا بالعمل في الوزارات التي نتسلمها لكنا تمكنّا من تأمين العمل لأبناء عكار، وتأمين الطاقة عبر «مشروع الهوا»، وغيرها من المشاريع».