مع اقتراب كل استحقاق انتخابي نيابي، تخرج دعوات من أوساط الإسلاميين في طرابلس تحثّ على تشكيل لائحة انتخابية موحدة لخوض الانتخابات، لأن الإسلاميين لهم حضور في عاصمة الشمال. لكن هذا الحضور يبدو ضعيفاً، بخلاف الصورة المتخيّلة عنهم. فكافة استطلاعات الرأي تمنحهم في طرابلس نسبة تأييد لا تتجاوز 5 في المئة في أحسن الأحوال، إلا أن الإسلاميين يعتقدون أن لهم ثقلاً انتخابياً مهماً يخوّلهم لأن يكونوا لاعباً مهماً انتخابياً وسياسياً.
لكنّ الإسلاميين في طرابلس والشّمال ليسوا فريقاً موحداً، وهم لم يكونوا كذلك يوماً. فكل فريق منهم لديه رؤيته ومقاربته للاستحقاق الانتخابي، بسبب خلافات بينهم سياسياً وعقائدياً، ما يزيد «فقرهم فقراً». كذلك إن تداعيات أزمات المنطقة على لبنان جعلت الموقف من الإسلاميين سلبياً، فضلاً عن اتهامات الإرهاب والتطرف التي تلاحق بعضهم، وعدم اتفاقهم على رؤية موحدة في تعاملهم أو تحالفهم مع القوى السياسية السنّية وغيرها، سواء في طرابلس أو في بقية المناطق اللبنانية. يُضاف إلى ما تقدّم، تباين مواقفهم ورؤاهم بشأن القضايا الداخلية، التي جعلت الساحة الإسلامية منقسمة ومشتّتة، ومحاولة البعض الاستئثار بتمثيل الساحة الإسلامية على حساب الآخرين.

لم يعقد حتى الآن أي لقاء إسلامي موسَّع لمناقشة ملف الانتخابات


كل ذلك يدفع الفرقاء الإسلاميين إلى التريّث في كشف مواقفهم من الانتخابات خشية أن يؤدي ذلك إلى استفحال الخلافات والانقسامات داخلهم. رئيس هيئة علماء المسلمين في لبنان الشيخ أحمد العمري، أوضح لـ«الأخبار» أن «قرار الهيئة حتى الآن هو عدم ترشيح أحد، وأن لا تتبنى أي مرشح للانتخابات، لأن ما يهمّ الهيئة فعلياً هو الوحدة الإسلامية، وإن كنّا في لقاءاتنا الداخلية نتطرق إلى هذا الموضوع». لكنه أضاف أنه «سيحصل لقاء تشاوري بين القوى الإسلامية، وعندها أي قرار يتخذ سنباركه، وسندعم أي مرشح يجري التوافق عليه».
وفي ما يخصّ القوى والتيارات السياسية السنّية الأخرى، لفت العمري إلى أنه «حتى الآن لم يزرنا ولم يناقش معنا أحد من القوى والتيارات السياسية السنّية موضوع الانتخابات، وإذا سألونا فسنقول لهم رأينا، لكننا في المبداً نؤيد وصول أي شخصية إسلامية ووطنية لبنانية إلى البرلمان، وأن يعود خيرها على الساحة اللبنانية».
بدوره، رئيس جمعية دعوة العدل والإيمان والإحسان السلفية الشيخ حسن الشهال، أشار إلى أن «الأمور حتى الآن قيد الدرس ولم تتضح بعد»، لكنه كشف أن «هناك رأياً يقول بتشكيل لائحة إسلاميين في طرابلس لخوض الانتخابات، ولو كانت غير كاملة، وأن هناك لقاءات ثنائية ومصغرة تعقد بين الإسلاميين لمناقشة الانتخابات، لكن ليست هناك لقاءات موسعة حتى الآن».
إلا أن الشهال أكد أن «ما يهمنا هو موضوع العفو عن الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية، وأن يُعالَج ملفهم قبل الانتخابات النيابية، لأنه إذا لم يُحَلّ قبلها فسيصبح خلفنا. وينبع خوفنا من إهمال الملف، من أن بعض المسؤولين يقولون إن هذا الملف يحتاج إلى وقت لمعالجته».
وأكد الشهال أن «موضوع الموقوفين الإسلاميين ليس تفصيلاً صغيراً بالنسبة إلينا، وأنه إذا لم يُعالَج قبل الانتخابات النيابية، فإن ذلك قد يدفعنا إلى مقاطعتها، لأن إبقاءه معلقاً يعني الإصرار على إلحاق الأذى بالساحة الإسلامية، أما حله قبل الانتخابات فهو دليل على حسن نيّة تجاه الساحة الإسلامية».
أما الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي الشيخ بلال شعبان، الذي حاز منفرداً في انتخابات 2009 أكثر من 17 ألف صوت، فقال إن «أمر ترشحي قيد الدرس»، وأوضح: «الكل ضائع بسبب القانون الانتخابي، ولم يتبلور أي أمر أو موقف حتى الآن، والإسلاميون لم يحسموا موقفهم بعد في التموضع السياسي أو في التحالف الانتخابي، هل هم مع 8 أم 14 آذار أم مع الوسطيين، أم سيعملون لتشكيل حالة مستقلة».
وأضاف: «لم يعقد حتى الآن أي لقاء إسلامي موسَّع لمناقشة ملف الانتخابات، والنقاشات التي تجري ليست جدية، وهي لم تثمر بعد، لأنه ليس هناك وجهة نظر واحدة في مقاربة الانتخابات، كذلك إن لقاءً كهذا يحتاج مسبقاً لقراءة المرحلة السابقة ومراجعتها، وهو أمر لم يحصل بعد. إضافة إلى أنه لا توجد قيادات إسلامية تمتلك كاريزما تستطيع جمع الشارع الإسلامي، لأن القواعد الإسلامية، مع أنها موجودة ولها حضور مهم في طرابلس والشمال، مشتتة وغير موحدة».