جاء قرار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قبل يومين بإقالة قائمقام جبيل نجوى سويدان فرح، استناداً إلى كتاب صادر عن هيئة التفتيش المركزي برئاسة القاضي جورج عطيّة. كتاب التفتيش بلّغ الوزير المعني بوجود ملف باسم سويدان يتضمّن مخالفات بحقّها. سرعان ما أقال وزير الداخلية سويدان ووضعها بالتصرّف وعيّن ناتالي مرعي خوري «بالإنابة وبصورة موقتة لتسيير المرفق العام» كما جاء في بيان المكتب الإعلامي لوزير الداخلية. تحرّك المشنوق حصل بسرعة «قياسيّة»، حتى قبل صدور قرار هيئة التفتيش الذي يتطلّب اكتمال نصاب الهيئة.
على خلفيّة القرار ورفضاً له، تداعى بعض أهالي جبيل ومخاتيرها ليل الأربعاء ــ الخميس الماضي إلى الاعتصام أمام سرايا جبيل واستكملوا تحرّكهم صباح أمس. البعض خرج ملوّحاً بالرفض من شرفة قائمقامية قضاء جبيل في الطبقة الثانية من المبنى الذي يضمّ مركزاً لقوى الأمن الداخلي وآخر المديرية العامة لأمن الدولة. أمّا بعض السياسيين والمرشّحين في القضاء، فقد اختاروا موقع «تويتر» ساحة لتظهير مواقفهم بحسب «تداعيات» القرار على مصالحهم الانتخابية في أيار المقبل. رئيس بلدية جبيل، وسام زعرور، المقرّب من زياد حوّاط، استغرب توقيت قرار الداخلية «على أبواب الانتخابات» وقال لـ»الأخبار» «إن تعيين خوري ابنة قضاء جبيل بالإنابة عن سويدان، من دون أن تكون هناك تعيينات بالأصالة، أمر غير قانوني». أما المرشّح عن دائرة كسروان ــ جبيل زياد حواط، فقد رفع سقف تصريحاته مترحّماً على ما سماه «أيام المكتب الثاني». وعاد بالزمن إلى «مواجهة العميد ريمون إدّه للمكتب الثاني»، معتبراً «أن الجبيليين اعتادوا هذا النوع من المواجهات». غير أن حوّاط ليس إدّه، وجبيل فتحت شهيّة الأحزاب للتبارز فيها. حوّاط الذي يعتبر نفسه «مستقلاً»، إنما في تحالف مع «القوات»، توعّد بالمواجهة في السادس من أيار. وأكّد لـ»الأخبار» أن الملفات التي بيد التفتيش المركزي «ليست متعلقة ببلدية جبيل». لكنه حذر من أن «تدخلات الحزب الواحد في كل التعيينات في الدولة إنما هو تضييق على كل من ليس مرشّحاًً على لائحة السلطة». وفي سياق الردود، بدت تغريدة النائب السابق فارس سعيد «من باب عدم الإحراج» أمام خصومه في انتخابات جبيل الذين كانوا إلى زمن قريب حلفاء له، حيث اعتبر فيها «أن تبديل قائمقام بآخر قبل شهرين من الانتخابات هو موضوع سياسي وليس إدارياً».

سويدان ليست معيّنة
بالأصالة، بل بالإنابة كما حال
العديد من التعيينات


تخيّم السريّة على عمل هيئة التفتيش المركزي إلى حين صدور قرارها النهائي بحقّ نجوى سويدان فرح. الكتاب وجّه بموجب النص القانوني الناظم لعمل الهيئة إلى وزير الداخلية لإعلامه بوجود ملف باسم قائمقام جبيل. الملف ليس وليد اليوم كما أكّدت مصادر هيئة التفتيش لـ«الأخبار»، ولو كان التوقيت مستغرباً بحدّ ذاته. الملف عمره 4 سنوات، والأكيد «أن لا علاقة له ببلدية جبيل» تقول المصادر نفسها. لا قرار بالإدانة أو التبرئة حتى الآن، أما «التداول في المسألة فيضع سمعة الموظّفة على المحكّ» بحسب مصادر التفتيش المركزي. تحرّك الوزير المفاجئ «أعاد الفاعلية لتبليغات التفتيش المركزي التي تنام عادة في جوارير الوزراء»، وفق المصادر نفسها التي تشيد بتعامل وزير الداخلية قائلة:»تصرّف المشنوق قانوني لأنه الوزير المعنيّ بالتدخلّ مع موظفي الفئة الثانية التي تنتمي إليها سويدان». بينما تبقى القرارات المتعلّقة بوظائف الفئة الأولى رهن قرار مجلس الوزراء. أما في التوقيت، فتعتبر مصادر هيئة التفتيش «أن عملها مستمرّ ولا يمكنها أخذ استراحة حتى أيار وانتظار انتهاء الانتخابات».
وسويدان ليست معيّنة بالأصالة، بل بالإنابة كما حال العديد من التعيينات. تعيينها على رأس قائمقامية جبيل، قبل خمس سنوات، حصل في عهد الرئيس الأسبق ميشال سليمان الذي تعتبر مقرّبة منه، وبالتالي من زياد حوّاط (هي من كفرمسحون). أما زوجها، العقيد في قوى الأمن الداخلي، فمقرّب من الوزير السابق الياس المرّ «الذي كان إشبينه».
قبل خمس سنوات، كان اسم ناتالي خوري متداولاً إلى جانب اسم سويدان في تعيينات القائمقامين. يومذاك، كانت حظوظ سويدان «السياسية» أكبر. المنافسة بين السيدتين لم تنتهِ. خوري شغلت حتى أمس رئيسة قسم جبيل في السرايا، وهو المنصب نفسه الذي كانت تتولاه سويدان قبل سنوات. خوري، المتحدرة من عائلة كتائبية في جبيل ومتزوّجة إلى بلدة غلبون، تعدّ مقرّبة من التيار الوطني الحرّ، لا بل يصنّفها البعض في خانة «المحازبة». محاولات خوري في انتزاع منصب سويدان تعود إلى سنتين إلى الوراء، أي قبل وصول العهد الجديد.
وإذا كان البعض يشيد بإدارة سويدان «شؤون المنطقة بشكل جيّد»، يلومها البعض الآخر على «انحيازها لحوّاط في الشأن السياسي، بما يسهّل بقاء شبحه داخل البلدية التي استقال منها»... ما دفع، بحسب مصادر جبيليّة، «بالعونيين إلى تقديم شكوى ضدّها أمام التفتيش المركزي»، علماً بأن مطالب العونيين تتجاوز هذا المطلب... إلى إعادة النظر ببعض المفاصل الإدارية والعسكرية والأمنية في جبل لبنان الشمالي وبعض أقضية الشمال قبيل إجراء الانتخابات النيابية.