في ما يأتي برقية أرسلها السفير حمد الشامسي إلى بلاده بعد يومين على إعلان استقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض: لا بد من الإشارة إلى أن الاستقالة جاءت مفاجئة للأوساط السياسية كافة، فلا أحد في لبنان كان يعرف بنية الحريري بالاستقالة، حتى أن مقربين منه ومن ضمن فريق عمله أعربوا عن صدمتهم لأنهم كانوا يعملون على تحضير ملفات زيارته إلى مصر يوم الأحد ومن بعدها مشاركته في مؤتمر اقتصادي في اليونان.
من حيث الشكل فإن إعلان الاستقالة من الرياض يحمل في طياته رسائل كبيرة وقوية من حيث التأكيد على أن للرئيس الحريري مرجعية سياسية مركزها السعودية وأنه يتلزم بقرارها مهما كانت علامات التباعد التي سادت في الفترة الماضية.
ولأن الاستقالة أعلنت من السعودية فإن هذا يعني أن الطلاق قد حصل كاملاً بين الرياض وطهران، لأن لبنان كان الساحة الوحيدة التي كان الطرفان يعيشان مساكنة سياسية فيها.
وبالتالي فإن التسوية التي أوصلت ميشال عون إلى الرئاسة تعتبر في حكم المنتهية.
في التداعيات، لا يمكن إنكار وجود خطر أمني وإن كان محدوداً، فاستقالة الحكومة قد تغري التنظيمات الإرهابية على معاودة مسلسل التفجير في الداخل، كما يمكن لحزب الله إذا وجد نفسه في موقع صعب أن يلجأ إلى افتعال أزمة سياسية داخلية ليترجمها تصعيداً على الأرض إذا ما أتاه توجيه عملياتي إيراني كرد على استقالة الحكومة.
على الجانب الاقتصادي، لا مخاوف جدية من انعكاسات للاستقالة على وضع الليرة اللبنانية لأن المصرف المركزي لديه احتياط ضخم من العملات الأجنبية ويتيح له ضبط سوق الصرف.
هناك سؤال أساسي عن الانتخابات النيابية المقبلة ومدى إمكانية حصولها. من حيث القانون والدستور فإن الحكومة بعد استقالتها تتحول إلى حكومة تصريف أعمال، وبالتالي فهي قادرة على إجراء الانتخابات طالما أن قانون الانتخاب موجود.
يمكن القول أن سعد الحريري حقق مكسباً سياسياً على الساحة السنية بعد إعلان استقالته لأن ذلك سينعكس إيجاباً لناحية شد العصب في الشارع السني الذي كان متعطشاً إلى خطوة سياسية كبيرة.
لا يمكن إنكار أن الاضطراب السياسي سيكون سيد الموقف في الفترة القريبة المقبلة، خصوصاً أنها تأتي عطفاً على التصعيد السعودي الكبير الذي تولاه وزير الدولة لشؤون الخليج في السعودية ثامر السبهان الذي قال صراحة أن هناك مفاجآت ستحل على الساحة اللبنانية لتأتي استقالة الحكومة كأولى هذه المفاجآت.
د. حمد سعيد الشامسي
السفير
6/11/2017