انتشى الضابط المتقاعد اللواء أشرف ريفي بنتائج الانتخابات البلدية في طرابلس عام ٢٠١٦. الفوز الكاسح الذي حققته لائحته أسكَره، لكونه انتصر منفرداً في مواجهة لائحة الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي والوزيرَين محمد الصفدي وفيصل كرامي. سَكرة الانتصار البلدي جعلته يعتقد أن حيثيات البلدية تنسحب على نزال النيابة. وضَعَ ريفي نفسه في مقابل وليّ أمره حتّى حين، سعد الحريري. لم يلتفت الوزير الأسبق إلى أنّ من خاض بهم المعركة البلدية، من وجوه المدينة المحبوبين، هم من جاؤوا به وليس العكس. في السابع من أيار 2018، مع ما يحمل هذا التاريخ من دلالات بالنسبة إلى ريفي، كان مناسبة جديدة لإيقاظه من حُلم يراوده بتزعّم أهل السنّة. أمس، رُمي ريفي من شاهق. تحطمت أحلامه في صناديق الاقتراع. لم يتمكن طالب الزعامة هذا من جمع أكثر من ٧١٤٠ صوتاً في قلب مدينته. بالكاد جمع نصف حاصل يبلغ ١٤ ألف صوت. وفي عكار وبيروت، لم تتجاوز الأصوات المؤيده له بضع مئات. فهل تليق هذه النتائج بزعيم؟ هكذا بدأت تتلاشى ظاهرة ريفي.منذ الانتخابات البلدية الأخيرة، أي منذ سنتين إلى اليوم، أخفق المجلس البلدي في طرابلس كثيراً. هذه الإخفاقات ضربت صورة ريفي لدى أهل مدينته. بالنسبة إلى أهل طرابلس، بات كالآخرين. بائع أوهام وشعارات ليس إلّا. لم ينفّذ شيئاً من الوعود التي قطعها، رغم مرور سنتين على تشكيل المجلس البلدي. ولم تعد الخطابات النارية التي يبرع فيها ضد حزب الله وسوريا وإيران تُثمر شعبية. انتهت صلاحية هذه الخطابات كما بيّنت صناديق الاقتراع. لم تعد تُسمن أو تُغني من جوع. باتت فيلماً محروقاً. هذا من جهة. ومن جهة أخرى، وتحديداً بعد الانتخابات البلدية، بدأت الأجهزة الأمنية المناوئة له بسحب مفاتيحه الانتخابية الأساسية من أحياء طرابلس رويداً رويداً. وتخلّى عنه لاحقاً آخرون. هو لا يملك المال ولم يعد يملك السلطة لخدمتهم. كذلك لم يُتِح له خصومه فرصة على الأرض. كانت ماكينات معارضيه تعمل ضده، فضلاً عن أن ريفي لم يعمل بالجهد نفسه الذي بذله خلال الانتخابات البلدية إذا ما قورن بخصومه، إلا أنّ أحد العوامل الأساسية، فشل محاولاته للفت نظر السعوديين والإماراتيين، للاستثمار فيه مالياً وسياسياً. فقد نجح الحريري في إقفال الباب أمامه. أثمرت وساطات الحريري في وقف الدعم عن المغرِّد خارج سربه، أما بعض المال الذي كان يحصّله، فقد تركّز من علاقاته الفردية مع شخصيات ومتمولين مثل رجل الأعمال الإماراتي خلَف الحبتور وبهاء الحريري شقيق رئيس الحكومة، غير أنّ هذا الدعم لم يكفه لتحصيل حاصل. ثمة تقديرات تفيد بأنّ ريفي لم يصرف أكثر من مليون دولار خلال حملته الانتخابية.
أمس، خرج ريفي عن صمته. قالها من دون مواربة: «خسرنا الانتخابات...كانت المعركة غير متكافئة... وكان الجواب في 6 أيار أكبر منا جميعاً وأقسى ممّا كنا نتصور».
اليوم يعلم ريفي جيداً أن هذه الانتخابات ستُشكّل نقطة تحوّل في مسيرته السياسية، مثلما فعلت قبلها الانتخابات البلدية، لكن باتجاه الأفول هذه المرة. وبذلك تُسدل صناديق الاقتراع الستار على «فقاعة»، على حدّ وصف أحد المستقبليين تعليقاً على الرقم الذي حققه ريفي. فقاعة صنعها سعد الحريري نفسه يوم قرر أن يلعب معه لعبة الندية التي لطالما اشتهاها أشرف ريفي، لكن تبيّن أنها مغرية للشاشة، وليس لصندوقة الاقتراع.