«دائما يفاجئنا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمواقفه، حتى نكاد نقول إن كلامه يُخرس كل كلام آخر. فخطابه، أول من أمس، أكد مرة جديدة أنه رجل استثنائي في كل المراحل والمفاصل، وما قاله بخصوص تداعيات معركة دائرة كسروان وجبيل، كان متوقعاً، ليس فقط بالدعوة إلى تفادي أي تشنج أو مواقف سلبية، بل بتشديده على وجوب ألا تكون هناك في النفوس والقلوب أي مشاعر فيها عتب على الشريك في الوطن»، كما قال مرجع رئاسي لبناني لزواره، أمس.المرجع الرئاسي نفسه «اذهله هذا التواضع في التعاطي مع الفوز الانتخابي من قبل السيد نصرالله، الذي استطاع بكلامه قلب صفحة التشنج التي سادت أخطر انتخابات نيابية في لبنان على مستوى الخطاب الذي وصل إلى حدود خارجة عن أدنى أدبيات التخاطب بين أبناء البلد الواحد».
وما يهم رئاسة الجمهورية أن الانتخابات النيابية «جرت بسلاسة، استعيدت معها الحياة الديمقراطية بعدما انتظر اللبنانيون تسع سنوات لإجراء الانتخابات النيابية، والقانون الجديد الذي اعتمد النسبية لأول مرة حقق التمثيل العادل، وكما كل انتخابات فيها ثغرات عولجت في ساعتها، ومن لديه طعون يقدمها إلى المجلس الدستوري الجاهز لاستلامها والنظر فيها وإصدار القرارات بشأنها».
ما تسجله الرئاسة الأولى حسب الزوار هو «علامات الاستفهام الكبيرة على نسبة المشاركة التي كانت دون مستوى التوقعات، ولا سيما في دائرة بيروت الأولى، وخصوصاً أن القانون الانتخابي الجديد عالج معظم الهواجس، إذ لا نتائج تعرف سلفاً، ولا محادل ولا بوسطات، بدليل أن النتائج أفرزت تمثيلاً عادلاً ومتوازناً وفق أحجام كل القوى، إلا أن ثقافة الانكفاء لا تبني وطناً».
هذه الدائرة لطالما حظيت باهتمام العماد عون «وعندما كان رئيساً لتكتل التغيير والإصلاح خاض معركة في مؤتمر الدوحة من أجل أن تفرز هذه الدائرة نوابها بإرادتها، ونجح آنذاك بنقل مقعد الأقليات إليها، حتى لا يقول أي مكوِّن أن لا قيمة لصوته ولا حاجة للاقتراع. وبعدما أُزيحت المحادل بالقانون الجديد، كان ينتظر أن تكون هناك كثافة استثنائية في الاقتراع في هذه الدائرة، أما وأن النسبة جاءت هي الأقل على مستوى لبنان، فهذا محل تساؤلات كبيرة».
هناك تنوع حقيقي أفرزته النتائج، «مع تسجيل ارتياح رئاسة الجمهورية لإسقاط خطاب التطرف، فأبناء الطائفة السنية، صوتوا للاعتدال الذي يمثله تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري، وصوتوا للوسطية التي يمثلها تيار العزم وغيرهما من رموز هذه الطائفة، وهذا مؤشر حاسم إلى مسار الأمور في الحاضر والمستقبل، إذ لا بد من اعتماد خطاب الانفتاح وفتح صفحة جديدة لتحقيق الكثير مما هو مطلوب، مع تسجيل ثغرات أساسية في القانون، ولا سيما انفلات الموضوع المالي، وصولاً إلى ثغرات في تدريب الموظفين، إذ إن بعض رؤساء الأقلام لم يحسنوا التصرف، كذلك هناك أمور يفترض أن تتضح، مثل موضوع الطعون، فهل الطعن يتناول النائب المطعون فيه حصراً أم اللائحة كلها؟ ذلك أن قبول أي طعن يعني شطب الأصوات التي حازها النائب المسقطة نيابته، ما يعني خفض الحاصل الانتخابي الذي قد يهدد اللائحة بكامل أعضائها؟ كل ذلك يحتاج إلى توضيح، وأصبح بين يدي المجلس الدستوري».