منذ أيام، شرّع باسيل في حواره مع «الأخبار» لمرحلة الأبواب المفتوحة. صار نبيه بري ممن تنطبق عليهم ميثاقياً معادلة «الرؤساء الأقوياء». مهدت لتلك الانعطافة، زيارة برّي إلى بعبدا وقوله أن اللقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان «أكثرَ من ممتاز». مناخ «الجنرال» كان متقدماً للغاية. يكفي أنه قرر تأجيل موعد الإفطار السنوي في القصر الجمهوري من الحادي والعشرين من أيار (أول من أمس) حتى الثالث والعشرين منه (اليوم)، لكي يتسنى لبري أن يجلس إلى يمينه بصفته رئيساً للمجلس النيابي، بدل أن يجلس بصفته رئيساً سابقاً.
بالأمس، كرر باسيل خلال ترؤسه الاجتماع الثالث لـ«لبنان القوي» ما قاله لـ»الأخبار»، مع اجتهادات من نوع لزوم ما لا يلزم. ترك الحرية لأعضاء التكتّل بالتصويت، إما بالورقة البيضاء أو لمصلحة برّي. أعضاء التكتّل الذين زارَ ثلاثة منهم (إبراهيم كنعان، الياس بوصعب وألان عون)، عين التينة، أمس، تبنوا خطاب بري من القصر الجمهوري: مرحلة جديدة تتطلب تعاون الجميع، «الانتخابات وراءنا والاستحقاقات لا توازي التحديات»، على حد تعبير كنعان. زيارة ثلاثية لم يكن هدفها تبرير موقف التكتل اللاحق بعدم انتخاب برّي وتوضيح ظروف هذا القرار. ما فهمه بري أن ميشال معوض ينوي التصويت بورقة بيضاء وأن عدداً من نواب «لبنان القوي» لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة سيصوتون بورقة بيضاء سيكون بينهم بطبيعة الحال جبران باسيل. النقطة الثانية قيد البحث مع بري هي ترجمة «المرحلة الجديدة» في هيئة مكتب المجلس مع إدخال النائب آلان عون إلى الهيئة (على حساب النائب القواتي فادي سعد).
باسيل يراجع حساباته ولم يعد معانداً وعند رأيه كما في أيام الانتخابات
اليوم بات باسيل أكثر وضوحاً في خياراته. يقول المتابعون أن حنكة وزير الخارجية في إدارة معركته منذ الآن، «لا يلغي بأن ما يفعله فيه نوع من الاعتراف بالخطأ. خطأ الاقتناع بأن التفاهم مع حزب الله، يجعل حركة أمل في بيت الطاعة. ونتيجة علمه بأنه بات لزاماً عليه التعاطي مع برّي كمرجعية قائمة بذاتها. وإدراكه بأن لا مجال لخوض مواجهات مع كل الأطراف، بل صار من الضروري تحديد أخصامه في هذه المعركة المفتوحة». لذلك، يُقدّر هؤلاء أن «الهجوم سوف يتركّز منذ الآن على القوات اللبنانية وتيار المردة، بصفتهما يُزاحمان باسيل على رئاسة الجمهورية». المشكلة الكبيرة بين القوات والعونيين آتية، برأي المتابعين «لأن كلاً منهما سيكون بحاجة إلى حليف قوي في حرب إلغاء جديدة». لا بد من تفادي معارك «نحن بغنى عنها»، يقول أحد نواب التيار الحر. تندرج في هذا السياق، لعبة حرية الاختيار، بدلاً من الورقة البيضاء، خصوصاً أن النتيجة محسومة سلفاً لمصلحة بري، «ولا ضرورة للعنتريات».
بعض من يتحركون ضمن هوامش بين الطرفين لا يخفى عليهم أن العلاقة بين أمل والتيار الحر والتي شابها مناخ التصادم منذ سنوات، لم تتحسن بعد. لكن ما نشهده في هذه المرحلة ليس شكلياً بل يُمكن البناء عليه. من الجيد كما تقول هذه الحلقة أن «باسيل راجع حساباته ولم يعد معانداً وعند رأيه كما في أيام الانتخابات… وإلا لما تُرجم ذلك تبدلاً في خطابه… وبما سنراه اليوم في جلسة انتخاب الرئيس ونائبه وهيئة مكتب المجلس».