لم يترك بيان الوزير السابق أشرف ريفي الذي أعلن فيه، أمس الأول، «رفع اليد» سياسياً عن بلدية طرابلس أثراً، لا عند الرئيس ولا الأعضاء، حتى كاد هؤلاء أن يتجاهلوا الأمر في جلسة المجلس البلدي التي عُقدت أمس الأول. فقد رفض رئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدين إعطاء حيز لبيان ريفي في المناقشات، معتبراً مع عدد من الأعضاء أن ما حدث «طبيعي»، خصوصاً أن ريفي كان قد حذّر سابقاً من أنه سيُقدم على هذه الخطوة إذا استمر العجز في أداء المجلس. تعثُّر بلدية طرابلس بدا واضحاً منذ انطلاقتها، وهو ما دفع المهندس وليد معن كرامة، حليف ريفي الذي خاض معه الانتخابات البلدية جنباً إلى جنب، في تشرين الأول من عام 2017، أي بعد 18 شهراً من تسلم الأعضاء مهماتهم، إلى الاعتذار من أبناء طرابلس، لأن البلدية «لم تُفلح في إحداث أي تغيير على صُعد الإصلاح الإداري والإنماء وتفعيل دور التفتيش وإيجاد الحلول العملية لأزمات النفايات والسير، ولم تلقَ المطالبات المستمرة لأهل المدينة إلا وعوداً جوفاء»، وهو ما أدى إلى فكّ الارتباط السياسي بينه وبين ريفي كليّاً.
الاعتذار للطرابلسيين تكرر، لكن على لسان ريفي هذه المرة، بعد أن أكلت البلدية العاجزة الكثير من رصيده السياسي، إذ يحمّله معظم أهالي المدينة مسؤولية فشل البلدية، وهو يحمّل البلدية مسؤولية فشله في الانتخابات. أدرك أشرف ريفي، متأخراً، أن السلطة التنفيذية في البلدية لن تتمكن من النهوض بالمدينة، وأنها ليست إلا استمراراً للعهود السابقة، فأراد أن يحتفظ بما بقي من ماء وجه أمام الطرابلسيين.
قمر الدين رفض إعطاء حيّز لبيان ريفي في مناقشات البلدية!

فضلاً عن أن غالبية الأعضاء الذين ترشحوا على لائحته باتوا لا يقيمون وزناً له. فقد دعا رئيس لجنة الإعلام والعلاقات الدولية في البلدية سميح حلواني، زملاءه ممن ترشحوا على اللائحة المدعومة من ريفي (15 عضواً) إلى اجتماع في قاعة المجلس البلدي للوقوف عند كلام الأخير والنظر في ما يُمكن اتخاذه من قرارات دعماً له، داعياً إلى استقالة جماعية تفرز مجلساً بلدياً جديداً، إلا أن أحداً لم يُلبِّ الدعوة، أمس، الأمر الذي يعني أن غالبية هؤلاء قد نزعوا عباءة ريفي وبدأوا بنسج علاقات مع جهات سياسية أخرى، أبرزها تيار المستقبل، ولم يعد لوزير العدل السابق سلطة عليهم ولا يمون إلا على خمسة أعضاء، بينهم حلواني ويحيى فتّال الذي قدم استقالته عقب بيان ريفي مباشرة.
ويبدو أن خيار الاستقالة الجماعية ليس مطروحاً لدى الآخرين. ففي منتصف الشهر الماضي، دعا قمر الدين إلى اجتماع مصالحة لبّته أغلبية الأعضاء، واتفق الحاضرون على تجديد انطلاقة المجلس عبر العمل بالحد الأدنى من الإيجابية، رغم كل الخلافات، ومحاولة إعادة ترميم الثقة بين الأعضاء من جهة وبينهم وبين الرئيس قمر الدين من جهة أخرى، وهو ما أدى إلى إعادة انعقاد الجلسات وتأمين النصاب فيها.
هل يكفي ذلك لضمان استمرارية المجلس، خصوصاً في ظل حالة عدم التجانس بين الرئيس والأعضاء، من جهة، والافتقار إلى الغطاء السياسي من كل نواب المدينة من جهة ثانية؟