افترق جناحا العدالة العاجزة في لبنان طوال أيام وساعات قبل أن يلتقيا ليل أمس. المحامون والقضاة وقفوا وجهاً لوجه. قلوبٌ مليانة وأعصابٌ مشدودة. اجتماعات وبيانات متقابلة. أنظار «فرسان العدالة» وُجِّهت إلى نقيبهم أندريه الشدياق في الاعتصام التحذيري الذي نفّذوه استنكاراً لأداء بعض «حماة العدالة». خطابٌ شديد اللهجة يترقبه المحامون لكبح جماح «بعض القضاة المتعجرفين»، بعدما أوقِف محامٍ وطُرِد ثانٍ من الجلسة وادُّعي عليه بتعويض عدّه محامون وقضاة تحقيراً للجسم الحقوقي، جرّاء طلب القاضية المدّعية منح التعويض المطلوب لجمعية الرفق بالحيوان. في التوقيت المحدد، حضر مئات المحامين إلى بيت المحامي. كان النقيب قد قرّر عقد الاجتماع في مكتبه قبل أن ينقله إلى القاعة جرّاء مشاركة عدد كبير من المحامين. خمس نقاط تلاها نقيب المحامين في بيروت لمواجهة «المستجدات الطارئة والمنعكسة سلباً على حقوق المحامين في أداء رسالتهم في قصور العدل». انطلق من «حصانة المحامي» التي لن يتهاون في صدّ تعرّض القضاء لها. وإذ أكد النقيب أنّ مجلس القضاء الأعلى هو الممثل الشرعي للسلطة القضائية، انتقد «الأندية القضائية غير المباحة قانوناً» بعد استنكاره «ممارسات بعض القضاة والموظفين القضائيين الخارجة عن الأعراف في تعاملهم مع المحامين». كان يشير صراحةً إلى «نادي القضاة» الذي أصدر بياناً عدّه المحامون، ومجلس القضاء، تهديداً لنقابة محامي الشمال، على خلفية ادعاء القاضية سمر البحري على المحامي نبيل رعد. ورفض الشدياق «التدابير المرفوضة المخالفة للقانون في ما يتعلق بتوقيف المحامي احتياطياً بجرائم القدح والذم». وعبّر عن رفضه «المساس بكرامة المحامين من قبل بعض القضاة وقلة من الموظفين بممارسة الفوقية والاستعلاء في التعاطي معهم». وتطرّق إلى شكاوى المحامين المتعلقة بتسيير المرفق القضائي، جراء تأخير مواعيد انعقاد الجلسات والتباطؤ في إفهام الأحكام. وختم النقيب كلمته بدعوة المحامين إلى الاكتفاء آنياً بالاعتصام التحذيري، مبقياً جلسات مجلس النقابة مفتوحة.
اتهم عدد من المحامين نقابتهم بـ«المهادنة» ببيان «مخيِّب للآمال»

لم يكد يُنهي نقيب المحامين كلمته، حتى انسحب عدد من المحامين احتجاجاً على موقف النقيب الذي عدّوه «مهادناً». ورغم تطرّق النقيب لجميع النقاط الخلافية، وجد هؤلاء «البيان مخيّباً للآمال» لأنّه اكتفى باعتصام تحذيري من دون التصعيد. غير أنّ مصادر في مجلس نقابة محامي بيروت رأت أنّ البيان شديد اللهجة، من دون التفريط بانتظام المؤسسات. ورأت مصادر النقابة أنّ المحامين مدّوا أيديهم للقضاء بتشدد للتوصّل إلى تسوية. وهذا ما قُطفت ثماره مع ساعات الليل بعد انتهاء اجتماع مجلس القضاء الأعلى الذي أصدر بياناً بشأن العلاقة بين القضاة والمحامين والمساعدين القضائيين. جاء البيان إيجابياً ليلاقي المحامين في منتصف الطريق. وإذ عبّر عن حرصه على هيبة القضاة والمحامين والمساعدين القضائيين، شدّد على حصانة المحامي وعلى ضرورة الاحتكام للمؤسسات القانونية المختصة لمعالجة الشوائب التي يتظلم منها أي ممتهن لعمل قضائي أو قانوني. كذلك أعلن «نيّته إحياء تقليد عريق درج عليه الأسلاف ومآله تكثيف اللقاءات بين مجلس القضاء الأعلى ونقابتي المحامين (في بيروت والشمال) وعقد ورشة عمل مشتركة في القريب العاجل تعمل على تحقيق الأهداف». وعلمت «الأخبار» أنّ ورشة العمل تهدف إلى تقريب وجهات النظر وإعادة تفعيل التفتيش القضائي وتفعيل المجلس التأديبي في نقابة المحامين لإحالة كل من يرتكب مخالفات جوهرية عليها.