عُقد لقاء المصالحة بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» ​سمير جعجع،​ ورئيس «​تيار المردة​» ​سليمان فرنجية​، بحضور ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ في ​بكركي​، وقد بدأ اللقاء بمصافحة رسمية بين الجانبين.
الراعي: ما أجمل أن يجلس الأخوة معاً
وخلال اللقاء، قال الراعي: «ما أجمل أن يجلس الأخوة معاً». وأضاف: «كثرٌ فرحون في لبنان وخارجه، هم يحبون السلام والمصالحة والتعاون والتلاقي في سبيل الوطن وشعبه وفي سبيل قيام الدولة ومؤسساتها».
وأكد أن «الاجتماع اليوم هو انطلاقة لوحدتنا الوطنية الجامعة، في بكركي نحن ضد الثنائيات والثلاثيات». وقال: «نحن مع الشعب ومؤسسات الدولة وهناك ثنائية واحدة هي لبنان ذو جناحين متساويين متكاملين، هما ​الإسلام​ و​المسيحية​، وهذا هو سر لبنان بخصوصيته ودوره ورسالته».

«وثيقة بكريكي ــ القوات اللبنانية وتيار المردة»
وبعد اللقاء، تلا المطران جوزيف نفاع نص «وثيقة بكركي ــ القوات اللبنانية وتيار المردة»، التي أكد فيها أن «المصالحة تمثّل قيمة مسيحية ــ إنسانية ــ لبنانية مُجردة، بصرف النظر عن الخيارات السياسية لأطرافها الذين ينشدون السلام والاحترام المتبادل، وخير لبنان دولة وشعباً وأرضاً، من دون أي حساباتٍ سياسية قد تتبدل تِبعاً للظروف والتغيرات».
وأشار نفّاع إلى أن المسيحيين عامة ومسيحية الشمال خاصة «مرّوا خلال الحرب اللبنانية بمرحلة أليمة من الاقتتال والشرذمة، ما سبب لهم الحزن والألم والإحباط والتفرقة، وانعكس سلباً على وضعيتهم السياسية والديموغرافية والاجتماعية في لبنان كلّه»، مضيفاً: «لن يتخطى المسيحيون هذا الواقع السلبي للانطلاق نحو مستقبلٍ واعد لهم وللبنان، إلا إذا نجحوا في طي صفحة الماضي الأليم، والالتزام بالقواعد الديموقراطية في علاقاتهم السياسية».
ولفت إلى أن العلاقة بين الطرفين «مرت في السنوات الأخيرة بمحطات سياسية وانتخابية عدة، ولم تعكر استقرارها أي شائبة، بالرغم من بقاء الاختلافات السياسية بينهما على حالها، ما يؤكد أن الالتقاء والحوار ليس مستحيلاً، بمعزلٍ عن السياسة وتشعباتها».
بالاستناد إلى ما تقدم، «يُعلن تيار المرده وحزب القوات اللبنانية عن إرادتهما المشتركة في طي صفحة الماضي الأليم، والتوجه إلى أفق جديد في العلاقات على المستوى الإنساني والاجتماعي والسياسي والوطني، مع التأكيد على ضرورة حل الخلافاتٍ عبر الحوار العقلاني الهادف إلى تحقيق مصلحة لبنان العليا ودور مسيحييه، والعمل معاً على تكريس هذه العناوين عبر بنود هذه الوثيقة».
وشدّد نفّاع على أن «ما ينشده الطرفان من هذه الوثيقة ينبع من اضطلاع بالمسؤولية التاريخية ومن قلق على المصير، وهي بعيدة عن البازارات السياسية، ولا تسعى إلى إحداث أي تبديل في مشهد التحالفات السياسية القائمة في لبنان والشمال».
بناء على ما تقدّم، يؤكد الطرفان على الأُسس التالية:
إن التلاقي بين المسيحيين والابتعاد عن منطق الإلغاء يشكلان عامل قوة للبنان والتنوع والعيش المشترك فيه.
إن زمن العداوات والخصومات بين القوات اللبنانية والمرده قد ولى وجاء زمن التفاهم والحوار وطي صفحة أليمة والاتعاظ من دروس الماضي وأخطائه وخطاياه منعا لتكرارها، أملا بغدِ الرجاء والتفاهم.
ينطلق اللقاء من قاعدة تمسك كل طرف بقناعاته وبثوابته السياسية ولا تقيد حرية الخيارات والتوجهات السياسية ولا تحمل الزامات محددة، بل هي قرار لتخطي مرحلة أليمة، ووضع أسس حوار مستمر تطلعاً إلى أفق مستقبلي مفتوح.
إن الاختلاف السياسي في بلد سيَد ودولة مؤسسات لا يمنع التلاقي حول القضايا الوطنية والإنسانية والاجتماعية والإنمائية مع السعي الدائم لتضييق مساحة الاختلاف السياسي قدر الإمكان.
احترام التعددية السياسية والمجتمعية وحرية الرأي والحريات العامة والخاصة، والالتزام بالدستور والقوانين والقواعد الديموقراطية بما يختص بالعمل السياسي والحزبي في لبنان.
تعميم المناخات الإيجابية بين الطرفين عامة، واستبعاد المصطلحات التي تُجرح بالطرف الآخر وبرموزه وشهدائه.
احترام حرية العمل السياسي والحزبي في القرى والبلدات والمناطق ذات العُمق الأكثري لكلا الطرفين، والتنسيق في ما يتعلق بالنشاطات والخطوات التي قد تُثير أي سوء تفاهم مُعين بينهما لمصلحة الجميع، ومنعا لأي احتكاكاتٍ تضر بأهداف المصالحة.


جعجع: صفحة جديدة
وبعد اللقاء، نشر جعجع صورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي جمعته بالراعي، وفرنجية، وأرفقها بعبارة: «صفحة جديدة».

طوني فرنجية: المصالحة فعلية وحقيقية
من جهته، علّق النائب ​طوني فرنجية​ على المصالحة، قائلاً: «عندما نقرّر أن نتخطى مرحلة سابقة مليئة بالجراح، نكون قد قررنا طي الصفحة ونكون صادقين مع أنفسنا ومع اللبنانيين». وأكد أن «المصالحة فعلية وحقيقية وتعني كل اللبنانيين والمسيحيين ووطنية ولبنانية بشكل خاص». كذلك، لفت إلى أنه «لا علاقة للمصالحة بالسياسة ولا بالحكومة​ لأنه كان من الممكن أن تتشكل الحكومة قبل المصاحلة ولا ​انتخابات​ رئاسية ولا نيابية الآن كي لا تأخذ منحى آخر»، مشيراً إلى أن «الشهداء سقطوا من أجل وحدة لبنان وواجبنا الحفاظ على وحدة البلد اليوم ووحدة البيت الواحد».

ستريدا جعجع: توقيت المصالحة ليس موجّهاً ضد أحد
أما عضو كتلة «القوات» النائب ​ستريدا جعجع​ فقد باركت، في تصريح لها ​من بكركي للمصالحة «التي انتظرها أهالي ​الشمال​ عموماً، والمسيحيين خصوصاً، منذ 40 عاماً»، مضيفة: «لا يمكن إلا أن أنحني أمام شهداء الجانبين وأوجه التحية إلى أهاليهم».
واعتبرت أن «الكبار هم الذين يعرفون كيفية طي الصفحة»، مشددة على أن «توقيت المصالحة ليس موجهاً ضد أحد، والحمدلله أن ليس هناك انتخابات رئاسية».