الأحزاب المُشاركة لا تتبنى رأياً موحداً من اللقاء. يقول تيار المردة إنّ «الفكرة غير واضحة لدينا، أو إذا كان الموضوع أصلاً يستدعي دعوتنا جميعاً. الصيغة مُلتبسة». وعلى الرغم من أنّ «المردة»، لا يُحبّذ «الاجتماعات الطائفية، ولكن سنُشارك، برئاسة سليمان فرنجية، حتى لا نختلف مع البطريرك». حزب الكتائب يرى أيضاً «ضرورة أن يتوسّع اللقاء ليكون وطنياً وليس طائفياً». بالنسبة إلى قيادة الصيفي، لا يؤمل كثيراً من اجتماع موسّع جداً، «ومن دون جدول أعمال. ولكن نحن سنقوم بطرح مبادرتنا لتشكيل حكومة من الاختصاصيين».
القوات اللبنانية هي أكثر المُرتابين من اجتماع بكركي، «وكنا أمام خيارين، إما أن يكون تمثيلنا مُختصراً، أو تكون مشاركة كبيرة». الهمّ أن لا يكون الهدف من اللقاء «إعطاء غطاء لجبران باسيل، أو الإيحاء بأنّ الخلاف في البلد مسيحي - مسيحي». تقرّر بالنتيجة أن تكون مشاركة موسّعة، «لنصوّب النقاش إلى مكمن الخطر الحقيقي، والحديث بعمق حول وضع النظام وأي لبنان نريد». ومن المتوقع أن يُحجم رئيس «القوات» سمير جعجع عن المشاركة، لاعتباره عدم وجود توازن في مستوى التمثيل!
وحده التيار الوطني الحرّ، يتعامل بنوعٍ من الإيجابية مع لقاء الأربعاء. تنفي مصادره أن يكون باسيل هو «الخيّاط»، ولكنّه قرّر الانفتاح عليه، «وإجراء حوار بعد الكباش حول الصلاحيات ومواقف رئيس مجلس النواب نبيه برّي وغيره». يتحدّث «التيار» عن بيانٍ سيكون داعماً للعهد. ويسعى إلى توظيف اللقاء لمصلحته في صراع الصلاحيات الدائر.
يرغب الراعي في الحصول على صورة تعينه في رحلته الأميركية
لا يسلم «لقاء بكركي» من وجود معارضة له. أبرز من ينطق باسمها، النائب السابق فارس سعيد، لاعتقاده أنّ الهدف من الاجتماع انتزاع الوزير جبران باسيل تأييد بكركي، لحصول أي رئيس للجمهورية على الثلث الضامن، وإصدار بيان دعم لرئيس الجمهورية وتكتل لبنان القوي في عملية تشكيل الحكومة. ويعمل سعيد على «تعديل» وجهة الاجتماع، لدفع الراعي إلى إصدار بيان يؤكد التزام الدستور واتفاق الطائف وقرارات جامعة الدول العربية ومجلس الأمن. أولى بشائر الضغط المُمارس على الراعي، ظهرت أمس في بيان لـ«لقاء سيدة الجبل»، الذي دعا إلى «تحديد نظام المصلحة اللبنانية الذي يحمله الموارنة والذي لا يختلف قيد أنملة عن مصلحة سائر اللبنانيين، ويتلخص بتبنّي الشرعيات الثلاث: اللبنانية المتمثلة بالدستور واتفاق الطائف، العربية المنبثقة من قرارات الجامعة العربية، والدولية».
أسهل الطُرق، بالنسبة إلى القوى السياسية، من أجل تحصيل مكاسب آنية، هي في تحريك الغرائز الطائفية، وتصوير أي خلاف سياسي - اقتصادي - اجتماعي، كما لو أنّه استهدافٌ لجماعةٍ ما. يعود السياسيون إلى الاصطفاف خلف سلطاتهم الدينية، كلّما اختلف اثنان منهم داخل «بيئتهما»، أو حين يكونون بحاجةٍ إلى شدّ عصب طائفي والاستحصال على موقف داعمٍ لهم بوجه «الآخر». أما في «الأيام العادية»، فلا شيء يردعهم عن عزل المرجع الديني.
منذ أيام، ولبنان يشهد «فورة» في اللقاءات ذات الطابع الطائفي، من اجتماع المجلس الشيعي الأعلى الأسبوع الماضي، و«اللقاء الماروني» في بكركي غداً، والمواقف التي تطلقها دار الفتوى من حين إلى آخر. تُرفع عناوين «جامعة»، ولكن سُرعان ما يُصبح لكلّ جماعة «قضية»، في تجاهل كلّي لفكرة الدولة والمواطنة. ثمة توجّه دائم لدى المراجع الدينية لترك اللبنانيين أسرى «كانتوناتهم» الطائفية الضيقة، مصرّة على التدخل في شؤون سياسية، عوض البحث عن حلول لإصلاح المؤسسات الدينية.